المسألة الرابعة مذهب الشافعي وأحمد بن حنبل وأكثر الناس جواز إثبات الحدود والكفارات بالقياس، خلافا لأصحاب أبي حنيفة.
ودليل ذلك النص، والاجماع، والمعقول.
أما النص فتقرير النبي (ص)، لمعاذ في قوله اجتهد رأيي مطلقا من غير تفصيل وهو دليل الجواز، وإلا لوجب التفصيل، لأنه في مظنة الحاجة إليه، وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع.
وأما الاجماع فهو أن الصحابة لما اشتوروا في حد شارب الخمر، قال علي رضي الله عنه: (إنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، فحدوه حد المفتري).
قاسه على حد المفتري، ولم ينقل عن أحد من الصحابة في ذلك نكير، فكان إجماعا.
وأما المعقول، فهو أنه مغلب على الظن، فجاز إثبات الحد والكفارة به لقوله، عليه السلام: نحن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر وقياسا على خبر الواحد.
فإن قيل: ما ذكرتموه من الدلائل ظنية، والمسألة أصولية قطعية، فلا يسوغ التمسك بالظن فيها - سلمنا دلالة ما ذكرتموه على المطلوب، ولكنه معارض بما يدل على عدمه، وذلك من ثلاثة أوجه:
الأول: أن الحدود والكفارات من الأمور المقدرة التي لا يمكن تعقل المعنى الموجب تقديرها، والقياس فرع تعقل علة حكم الأصل، فما لا تعقل له من الاحكام علة، فالقياس فيه متعذر، كما في أعداد الركعات وأنصبة الزكاة ونحوها.
الثاني: أن الحدود عقوبات، وكذلك الكفارات فيها شائبة العقوبة، والقياس