خاتمة لهذا الباب في ترتيب الأسئلة الواردة على القياس والاعتراضات الواردة على القياس أما أن تكون من جنس واحد، كالنقوض، أو المعارضات في الأصل أو في الفرع، وإما أن تكون من أجناس مختلفة، كالمنع والمطالبة، والنقض، والمعارضة ونحوها.
فإن كان الأول، فقد اتفق الجدليون على جواز إيرادها معا، إذ لا يلزم منها تناقض، ولا نزول عن سؤال إلى سؤال.
وإن كان الثاني، فلا يخلو: إما أن تكون الأسئلة غير مرتبة أو مرتبة:
فإن كانت غير مرتبة، فقد أجمع الجدليون على جواز الجمع بينهما، سوى أهل سمرقند، فإنهم أوجبوا الاقتصار على سؤال واحد، لقربه إلى الضبط، وبعده عن الخبط.
ويلزمهم على ذلك ما كان من الأسئلة المتعددة من جنس واحد، فإنها، وإن أفضت إلى النشر، فالجمع بينها مقبول من غير خلاف بين الجدليين.
وإن كانت مرتبة، فقد منع منه أكثر الجدليين من حيث إن المطالبة بتأثير الوصف بعد منع وجوده نزول عن المنع، ومشعر بتسليم وجوده، لأنه لو بقي مصرا على منع وجود الوصف، فالمطالبة بتأثير ما لا وجود له محال. وعند ذلك فلا يستحق المعترض غير جواب الأخير من الأسئلة.
ومنهم من لم يمنع منه، وذلك بأن يورد المطالبة بتأثير الوصف، بعد منع وجود الوصف مقدرا لتسليم وجود الوصف. وذلك بأن يقول: وإن سلم عن المنع تقديرا، فلا يسلم عن المطالبة وغيرها، ولا شك أنه أولى، لعدم إشعاره بالمناقضة والعود إلى منع ما سلم وجوده أولا، كمنع وجود الوصف بعد المطالبة بتأثيره المشعر بتسليم وجوده. وهذا هو اختيار الأستاذ أبي إسحاق، وهو المختار.
وإذا كان لا بد من رعاية الترتيب في الأسئلة، فأول ما تجب البداية به سؤال الاستفسار، لان من لا يعرف مدلول اللفظ، لا يعرف ما يتجه عليه.