وعلى ما فصلناه في طرف الاثبات يكون الحكم في طرف النفي هذا كله إن كان الوصف المتعدي خارجا عن العلة القاصرة وأما إن كان داخلا فيها بأن كان المعارض معللا بمجموع الوصفين: الوصف القاصر والمتعدي معا، فالقاصر أولى، وسواء كان ذلك في طرف الاثبات أو النفي، وسواء كان المتعدي راجحا على القاصر، أو مرجوحا، أو مساويا.
أما في طرف الاثبات، فلان التعليل بالعلة المتعدية يلزم منه إهمال الوصف القاصر وتعطيله، ولا كذلك بالعكس. ولا يخفى أن الجمع أولى من التعطيل.
فإن قيل: إلا أنه على تقدير أن يكون الوصف المتعدي راجحا، لو جعلنا الوصف القاصر داخلا في التعليل، فيلزم منه أن يتخلف الحكم في الفرع عن الوصف المتعدي الراجح، رعاية لما فات من الوصف المرجوح، وهو ممتنع.
قلنا: هذا إنما يستقيم علي تقدير أن يكون رجحانه ظاهرا ولا يستقيم على تقدير أن يكون مرجوحا، أو مساويا. ولا يخفى أن احتمال وقوع العمل بما يتم على تقدير من تقديرين أولى من العمل بما لا يتم العمل به إلا على تقدير واحد بعينه.
كيف وإن العمل بالقاصر، وإن كان يفضي إلى إهمال الوصف المتعدي في الفرع، إلا إنه لا يلزم منه إهماله مطلقا، إذ هو داخل في العلة، ولو عملنا بالوصف المتعدي فقط يلزم منه إهمال القاصر وتعطيله مطلقا، فالعمل بالقاصر يكون أولى، وعلى هذا يكون الحكم، إن كان ذلك في طرف النفي أيضا، بل أولى لما فيه من تقليل مخالفة المقتضي للاثبات.
هذا إن ظهر الترجيح، وأما إن تحققت المعارضة من غير ترجيح بعد البحث التام، فعلى مقتضى ما أسلفناه من القول بالتخيير عند التعارض مع التنافي، فلا مانع من الجري على تلك القاعدة هاهنا.
الاعتراض السادس عشر سؤال التركيب وهو الوارد على القياس المركب. وقد بينا معنى القياس المركب وأقسامه ووجه تسميته بذلك، والسؤال الوارد عليه وجوابه في شرط حكم الأصل.