. الاعتراض الثالث فساد الوضع واعلم أن صحة وضع القياس أن يكون على هيئة صالحة لاعتباره في ترتيب الحكم عليه وفساد الوضع لا يكون على الهيئة الصالحة لاعتباره في ترتيب الحكم عليه. وقد مثله الفقهاء بما تلقي الحكم فيه من مقابله، كتلقي التضييق من التوسيع، والتخفيف من التغليظ، والاثبات من النفي، وبالعكس وأن يكون ما جعله علة للحكم مشعرا بنقيض الحكم المرتب عليه، وذلك كقولهم في النكاح بلفظ الهبة: لفظ ينعقد به غير النكاح، فلا ينعقد به فإنه من حيث إنه ينعقد به غير النكاح يقتضي انعقاد النكاح به، لا عدم الانعقاد، لأن الاعتبار يقتضي الاعتبار، لا عدم الاعتبار.
ومن هذا فكل فاسد الوضع فاسد الاعتبار وليس كل فاسد الاعتبار يكون فاسد الوضع، لان القياس قد يكون صحيح الوضع، وإن كان اعتباره فاسدا بالنظر إلى أمر خارج، كما سبق تقريره.
ولهذا، وجب تقديم سؤال فساد الاعتبار على سؤال فساد الوضع، لان النظر في الأعم يجب أن يتقدم على النظر في الأخص، لكون الأخص مشتملا على ما اشتمل عليه الأعم وزيادة.
وإذا عرف ما قررناه في سؤال فساد الوضع، فلقائل أن يقول: اقتضاء الوصف لنقيض الحكم المرتب عليه:
اما يدعي انه يراد به اقتضاؤه له مناسب نقيض الحكم على ما هو اشعار اللفظ واما اعتبار الوصف في نقض الحكم في صوره كما قاله بعض المتأخرين فان كان الأول فاما أن يدعي أنه مناسب لنقيض الحكم من الجهة التي تمسك بها المستدل، أو من جهة أخرى،