الاعتراض العشرون الفرق واعلم أن سؤال الفرق عند أبناء زماننا لا يخرج عن المعارضة في الأصل أو الفرع، إلا أنه عند بعض المتقدمين عبارة عن مجموع الامرين، حتى إنه لو اقتصر على أحدهما لا يكون فرقا.
ولهذا اختلفوا فمنهم من قال: إنه غير مقبول، لما فيه من الجمع بين أسئلة مختلفة، وهي المعارضة في الأصل والمعارضة في الفرع.
ومنهم من قال بقبوله، واختلفوا مع ذلك في كونه سؤالين أو سؤالا واحدا.
فقال ابن سريج إنه سؤالان، جوز الجمع بينهما لكونه أدل على الفرق.
وقال غيره: بل هو سؤال واحد لاتحاد مقصوده، وهو الفرق، وإن اختلفت صيغته.
ومن المتقدمين من قال: ليس سؤال الفرق هو هذا، وإنما هو عبارة عن بيان معنى في الأصل له مدخل في التعليل، ولا وجود له في الفرع، فيرجع حاصله إلى بيان انتفاء علة الأصل في الفرع، وبه ينقطع الجمع.
وجوابه على كل تقدير لا يخرج عما ذكرناه في جواب المعارضة في الأصل والفرع.
الاعتراض الحادي والعشرون إذا اختلف الضابط بين الأصل والفرع، واتحدت الحكمة كما لو قيل في شهود القصاص: تسببوا في القتل عمدا عدوانا، فلزمهم القصاص، زجرا لهم عن التسبب، كالمكره.
فللمعترض أن يقول: ضابط الحكمة في الأصل إنما هو الاكراه، وفي الفرع الشهادة، والمقصود منهما، وإن كان متحدا وهو الزجر، فلا يمكن تعدية الحكم به وحده، وما جعل ضابطا له في الأصل غير موجود في الفرع، والضابط في الفرع يحتمل أن لا يكون مساويا لضابط الأصل في الافضاء إلى المقصود، فامتنع الالحاق.
وجوابه إما بأن يبين أن التعليل إنما هو بعموم ما اشترك فيه الضابط من التسبب المضبوط عرفا، أو بأن يبين أن إفضاء الضابط في الفرع إلى المقصود أكثر من إفضاء ضابط الأصل، فكان أولى بالثبوت.