القاعدة الرابعة في الترجيحات وتشتمل على مقدمة وبابين.
أما المقدمة ففي بيان معنى الترجيح، ووجوب العمل بالراجح، وما فيه الترجيح.
أما الترجيح فعبارة عن اقتران أحد الصالحين للدلالة على المطلوب، مع تعارضهما بما يوجب العمل به وإهمال الآخر.
فقولنا (اقتران أحد الصالحين) احتراز عما ليسا بصالحين للدلالة، أو أحدهما صالح، والآخر ليس بصالح، فإن الترجيح إنما يكون مع تحقق التعارض، ولا تعارض مع عدم الصلاحية للامرين أو أحدهما.
وقولنا (مع تعارضهما) احتراز عن الصالحين اللذين لا تعارض بينهما، فإن الترجيح إنما يطلب عند التعارض، لا مع عدمه، وهو عام للمتعارضين مع التوافق في الاقتضاء كالعلل المتعارضة في أصل القياس، كما يأتي، وللمتعارضين مع التنافي في الاقتضاء، كالأدلة المتعارضة في الصور المختلف فيها نفيا وإثباتا.
وقولنا (بما يوجب العمل بأحدهما وإهمال الآخر). احتراز عما اختص به أحد الدليلين عن الآخر من الصفات الذاتية أو العرضية، ولا مدخل له في التقوية والترجيح.
وأما أن العمل بالدليل الراجح واجب، فيدل عليه ما نقل وعلم من إجماع الصحابة والسلف في الوقائع المختلفة على وجوب تقديم الراجح من الظنين، وذلك كتقديمهم خبر عائشة رضي الله عنها في التقاء الختانين على خبر أبي هريرة