وعن الحادية والعشرين: أن كل ما هو غيب عنا، لو جعل الله عليه أمارة تدل عليه، كما جعل ذلك في الأحكام الشرعية، كان الحكم في معرفته، كما في الاحكام، وحيث لم يجعل له أمارة تدل عليه لم يكن معلوما.
وعن الثانية والعشرين: لا نسلم أن التوصل إلى معرفة المصالح بفعل القائس، وإنما فعل القائس، وهو إثبات مثل حكم الأصل في الفرع، تبع لمعرفة المصلحة المأخوذة من حكم الأصل.
وعن الثالثة والعشرين: أنه متى غلب على ظن القائس كون الحكم معللا، وظهرت له علة في نظره مجردة عن المعارض، وتحقق وجودها في الفرع، كان له القياس، وإلا فلا.
وعن الرابعة والعشرين: أنه مهما تقابل في نظر القائس قياسان على التحليل والتحريم مثلا، فكل واحدة من العلتين غير موجبة لحكمها لذاتها، فلا يلزم من ذلك اجتماع الحكمين، وعلى هذا، إن ترجحت إحداهما على الأخرى، كان العمل بها، وإن تعارضا من كل وجه، أمكن أن يقال بالوقف إلى حين ظهور الترجيح، وأمكن أن يقال بتخيير المجتهد في العمل بأي القياسين شاء، على ما عرف من مذهب الشافعي وأحمد بن حنبل.
وعن الخامسة والعشرين: لا نسلم أن العلل الشرعية على وزان العلل العقلية، وإنما هي بمعنى الامارات والعلامات، وما كان بمعنى الامارة والعلامة لا يمتنع أن يكون الظن الحاصل منه، من مجموع أوصاف لا يستقل البعض بها، وذلك