وعن الحادية عشرة: أن العلة في القياس إنما هي بمعنى الامارة والعلامة على الحكم في الفرع، وذلك مما لا يمتنع التعبد باتباعه. ولهذا فإنه لو قال الشارع: مهما رأيتم وصف الشدة المطربة، فاعلموا أني قضيت بتحريم ذلك المشتد المطرب كان واجب الاتباع.
وعن الثانية عشرة: أنه مهما لم يقم دليل يدل على وجوب التعبد بالقياس من نص أو إجماع، فإنا لا نثبت به الحكم، ولا ننفيه. وإن كان يجوز ورود التعبد به عقلا. فإذا قال الشارع قد تعبدتكم بالقياس، فمهما رأيتم الحكم قد ثبت في صورة وغلب على ظنونكم أنه ثبت لعلة، وأنها، وأنها متحققة في صورة أخرى،. فقيسوها كان ذلك إخبارا عن إثبات الحكم في الفرع. وإن لم يرد مثل هذا النص، فانعقاد الاجماع على ذلك يكون كافيا.
وعن الثالثة عشرة: أنها قياس تمثيلي من غير جامع، فلا يصح وقد أجاب بعضهم بأن كثير الزعفران الواقع في الماء يعلم بالادراك، وخفيه إنما يعلم بإخبار من شاهده لا بنفس الادراك، وليس بحق، فإن الخبر مستند إلى المشاهدة.
فإن قيل: الحكم في الفرع أيضا مستند إلى الحكم الثابت بالنص، فكان جلي الاحكام وخفيها مستندا إلى النص.
قيل النص الوارد في الأصل لم يكن واردا في الفرع، ولو ورد في الفرع، لما احتيج إلى القياس.
وعن الرابعة عشرة: أنا لا نسلم أن كون المتحرك متحركا يزيد على قيام الحركة بالمحل، فلا علة ولا معلول، وإن سلمنا أن المتحركية معللة بالحركة، ولكن ما ذكروه تمثيل من غير جامع، وذلك لان اسم العلة مشترك بين العلة العقلية والعلة الشرعية لان العلة العقلية مقتضية للحكم بذاتها، لا بوضع، بخلاف العلة الشرعية، فإنها بمعنى الامارة والعلامة، أو بمعنى الباعث، ولا يمتنع أن يكون الوصف علامة على الحكم في بعض الأزمان دون البعض، اتباعا لوضع الشارع، ولا يمتنع أن يكون الوصف باعثا لما يختص به من المصلحة في بعض الأزمان دون البعض، كما أبيحت الخمرة في زمان، وحرمت