في الآنية بالطهارة والنجاسة أن يقضى بصحة اقتداء كل واحد من المجتهدين، بالآخر، لاعتقاد المأموم صحة صلاة إمامه.
السادس: أن القول بتصويب المجتهدين يلزم منه أمور ممتنعة فيمتنع.
الأول: أنه إذا تزوج شافعي بحنفية، وكانا مجتهدين، وقال لها أنت بائن فإنه بالنظر إلى ما يعتقده الزوج من جواز الرجعة تجوز له المراجعة، والمرأة بالنظر إلى ما تعتقده من امتناع الرجعة يحرم عليها تسليم نفسها إليه، وذلك مما يفضي إلى منازعة بينهما لا سبيل إلى رفعها شرعا، وهو محال.
الثاني: أنه إذا نكح واحد امرأة بغير ولي، ونكحها آخر بعده بولي، فيلزم من صحة المذهبين حل الزوجة للزوجين، وهو محال.
الثالث: أن العامي إذا استفتى مجتهدين، واختلفا في الحكم، فإما أن يعمل بقوليهما، وهو محال، أو بقول أحدهما، ولا أولوية، وإما لا بقول واحد منهما، فيكون متحيرا، وهو ممتنع ولقائل أن يقول على الوجه الأول: إن المختار إنما هو القسم الأول من أقسامه.
قولهم: الدليلان إما أن يتساويا، أو يترجح أحدهما على الآخر - قلنا: في نفس الامر أو في نظر الناظر؟
الأول ممنوع، وذلك لان الأدلة في مسائل الظنون ليست أدلة لذواتها وصفات أنفسها، حتى تكون في نفس الامر متساوية في جهة دلالتها، أو متفاوتة، وإن كان في نظر الناظر، فلا نسلم صحة هذه القسمة، بل كل واحد منهما راجح في نظر الناظر الذي صار إليه، وذلك لان الأدلة الظنية مما تختلف باختلاف الظنون، فهي أمور إضافية غير حقيقية، كما أن ما وافق غرض زيد، فهو حسن بالنسبة إليه، وإن كان قبيحا بالنسبة إلى من خالف غرضه.
وعلى هذا، فلا تخطئة على ما ذكروه وإن سلمنا أن الدليلين في نفسيهما لا يخرجان عن المساواة أو الترجيح لأحدهما على الآخر، غير أن النزاع إنما هو في الخطأ بمعنى عدم الإصابة لحكم الله في الواقعة، لا بمعنى عدم الظفر بالدليل الراجح، ولا يلزم من عدم الظفر بالدليل الراجح عدم