الحجة الرابعة:
من جهة المعقول من ستة أوجه.
الأول أن الاجتهاد مكلف به بالاجماع، فعند اختلاف المجتهدين في حكم الحادثة، ومصير كل واحد إلى مناقضة الآخر إما أن يكون اجتهاد كل واحد منهما مستندا إلى دليل، أو لا دليل لواحد منهما، أو أن الدليل مستند أحدهما دون الآخر فإن كان الأول، فالدليلان المتقابلان إما أن يكون أحدهما راجحا على الآخر، أو هما متساويان: فإن كان أحدهما راجحا، فالذاهب إليه مصيب، ومخالفه مخطئ. وإن كان الثاني، فمقتضاهما التخيير أو الوقف، فالجازم بالنفي أو الاثبات يكون مخطئا. وإن كان لا دليل لواحد منهما، فهما مخطئان. وإن كان الدليل لأحدهما دون الآخر فأحدهما مصيب، والآخر مخطئ لا محالة.
الثاني: أن القول بتصويب المجتهدين يفضي عند اختلاف المجتهدين بالنفي والاثبات، أو الحل والحرمة، في مسألة واحدة، إلى الجمع بين النقيضين، وهو محال، وما أفضى إلى المحال يكون محالا.
الثالث: أن الأمة مجمعة على تجويز المناظرة بين المجتهدين، ولو كان كل واحد مصيبا فيما ذهب إليه، لم يكن للمناظرة معنى ولا فائدة، وذلك لان كل واحد يعتقد أن ما صار إليه مخالفه حق، وأنه مصيب فيه والمناظرة إما لمعرفة أن ما صار إليه خصمه صواب، أو لرده عنه:
فإن كان الأول، ففيه تحصيل الحاصل.
وإن كان الثاني، فقصد كل واحد لرد صاحبه عما هو عليه، مع اعتقاده أنه صواب يكون حراما.
الرابع: أن المجتهد في حال اجتهاده، إما أن يكون له مطلوب، أو يكون:
فإن كان الأول، فهو محال، إذ المجتهد طالب، وطالب لا مطلوب له محال.
وإن كان الثاني، فمطلوبه متقدم على اجتهاده ونظره، وذلك مع عدم تعين المطلوب في نفسه محال.
الخامس: أنه لو صح تصويب كل واحد من المجتهدين، لوجب عند الاختلاف