الظفر بحكم الله في الواقعة، لان حكم الله تعالى عندنا عبارة عما أدى إليه نظر المجتهد وظنه، لا ما أدى إليه الدليل الراجح في نفس الامر.
وعلى الوجه الثاني: أن التناقض إنما يلزم أن لو اجتمع النفي والاثبات، والحل والحرمة، في حق شخص واحد، من جهة واحدة، أما بالنظر إلى شخصين، فلا ولهذا، فإن الميتة تحل للمضطر، وتحرم على غيره، وإفطار رمضان مباح للمريض والمسافر، ومن له عذر، دون غيره. وفيما نحن فيه كذلك: فأن من وجب عليه الحكم بالحل الذي أداه نظره إليه، غير من وجب عليه الحكم بالتحريم الذي أداه نظره إليه. ثم لو كان ذلك ممتنعا، لما وجب على كل واحد من المجتهدين في القبلة، إذا أدى اجتهاده إلى خلاف ما أدى إليه اجتهاد الآخر، التوجه إلى الجهة التي غلب على ظنه أنها جهة القبلة، كتحريم التوجه إليها بالنسبة إلى الآخر، ولما حرم على كل واحد ما وجب على الآخر، وهو ممتنع.
وعلى الثالث أن فائدة المناظرة غير منحصرة فيما ذكروه، بل لها فوائد أخر تجب المناظرة لها، أو تستحب.
فالأولى كالمناظرة لتعرف انتفاء الدليل القاطع الذي لا يجوز معه الاجتهاد ، أو لطلب تعرف الترجيح عند تساوي الدليلين في نظر المجتهد، حتى يجزم بالنفي أو الاثبات، أو يحل له الوقف أو التخيير لكونه مشروطا بعدم الترجيح.
والثانية، كالمناظرة التي يطلب بها تذليل طرق الاجتهاد والقوة على استثمار الاحكام من الأدلة واستنباطها منها، وشحذ الخاطر وتنبيه المستمعين على مدارك الأحكام ومآخذها، لتحريك دواعيهم إلى طلب رتبة الاجتهاد، لنيل الثواب الجزيل وحفظ قواعد الشريعة.
وعلى الرابع أن مطلوب المجتهد ما يؤدي إليه نظره واجتهاده لا غير. وذلك غير معين، لا عنده ولا عند الله تعالى.
وعلى الخامس أن ما ذكروه إنما يلزم أن لو كان القضاء بصحة صلاة المأموم مطلقا، وليس كذلك. وإنما هي صحيحة بالنسبة إليه، غير صحيحة بالنسبة إلى مخالفه. وشرط صحة اقتداء المأموم بالامام اعتقاد صحة صلاة إمامه بالنسبة إليه.