الحجة السادسة: أن التابعي المجتهد متمكن من تحصيل الحكم بطريقه، فلا يجوز له التقليد فيه، كالأصول.
ولقائل أن يقول: اتباع مذهب الصحابي إنما يكون تقليدا له إن لو لم يكن قوله حجة متبعة، وهو محل النزاع، وخرج عليه الأصول، فإن القطع واليقين معتبر فيها، ومذهب الغير من أهل الاجتهاد فيها ليس بحجة قاطعة، فكان اتباعه في مذهبه تقليدا من غير دليل، وذلك لا يجوز.
والمعتمد في ذلك الاحتجاج بقوله تعالى * (فاعتبروا يا أولي الابصار) * (الحشر: 2) أوجب الاعتبار، وأراد به القياس، كما سبق تقريره في إثبات كون القياس حجة.
وذلك ينافي وجوب اتباع مذهب الصحابي وتقديمه على القياس.
فإن قيل: لا نسلم دلالة على وجوب اتباع القياس، وقد سبق تقريره من وجوه، سلمنا دلالته على ذلك، لكنه معارض من جهة الكتاب، والسنة، والاجماع، والمعقول.
أما الكتاب، فقوله تعالى * (كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف) * (آل عمران: 110) وهو خطاب مع الصحابة بأن ما يأمرون به معروف، والامر بالمعروف واجب القبول.
وأما السنة فقوله عليه السلام أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وقوله عليه السلام اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ولا يمكن