الحجة الرابعة: أن الصحابة قد اختلفوا في مسائل، وذهب كل واحد إلى خلاف مذهب الآخر، كما في مسائل الجد مع الاخوة وقوله أنت علي حرام كما سبق تعريفه، فلو كان مذهب الصحابي حجة على غيره من التابعين، لكانت حجج الله تعالى مختلفة متناقضة، ولم يكن اتباع التابعي للبعض أولى من البعض.
ولقائل أن يقول: اختلاف مذاهب الصحابة لا يخرجها عن كونها حججا في أنفسها، كأخبار الآحاد، والنصوص الظاهرة، ويكون العمل بالواحد منها متوقفا على الترجيح، ومع عدم الوقوف على الترجيح، فالواجب الوقف، أو التخيير، كما عرف فيما تقدم.
الحجة الخامسة: أن قول الصحابي عن اجتهاد مما يجوز عليه الخطأ، فلا يقدم على القياس، كالتابعي.
ولقائل أن يقول: اجتهاد الصحابي، وإن جاز عليه الخطأ فلا يمنع ذلك من تقديمه على القياس، كخبر الواحد، ولا يلزم من امتناع تقديم مذهب التابعي على القياس، امتناع ذلك في مذهب الصحابي، لما بيناه من الفرق بينهما.