مستند، أو يكون: لا جائز أن يقال بالأول، وإلا كان قائلا في الشريعة بحكم لا دليل عليه، وهو محرم، وحال الصحابي العدل ينافي ذلك.
وإن كان الثاني فلا مستند وراء القياس سوى النقل، فكان حجة متبعة الثاني: أن قول الصحابي إذا انتشر، ولم ينكر عليه منكر، كان حجة، فكان حجة مع عدم الانتشار، كقول النبي عليه السلام.
الثالث: أن مذهب الصحابي إما أن يكون عن نقل أو اجتهاد: فإن كان الأول، كان حجة، وإن كان الثاني، فاجتهاد الصحابي مرجح على اجتهاد التابعي ومن بعده، لترجحه بمشاهدة التنزيل، ومعرفة التأويل، ووقوفه من أحوال النبي عليه السلام، ومراده من كلامه، على ما لم يقف عليه غيره، فكان حال التابعي إليه كحال العامي بالنسبة إلى المجتهد التابعي، فوجب اتباعه له.
والجواب عن منع دلالة الآية ما ذكرناه. وعن القوادح ما سبق.
وعن المعارضة بالكتاب، أنه لا دلالة فيه، لما سبق في إثبات الاجماع. وإن كان دالا فهو خطاب مع جملة الصحابة، ولا يلزم من كون ما أجمعوا عليه حجة أن يكون قول الواحد والاثنين حجة.
وعن السنة أنه لا دلالة فيها أيضا، لما سبق في الاجماع، ولأن الخبر الأول وإن كان عاما في أشخاص الصحابة، فلا دلالة فيه على عموم الاقتداء في كل ما يقتدى فيه. وعند ذلك، فقد أمكن حمله على الاقتداء بهم فيما يرونه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس الحمل على غيره أولى من الحمل عليه، وبه يظهر فساد التمسك بالخبر الثاني.
وعن الاجماع، أنه إنما لم ينكر أحد من الصحابة على عبد الرحمن وعثمان ذلك، لأنهم حملوا لفظ الاقتداء على المتابعة في السيرة والسياسة، دون المتابعة في المذهب، بدليل الاجماع على أن مذهب الصحابي ليس حجة على غيره من الصحابي المجتهدين، كيف وإنه لو كان المراد بشرط الاقتداء بهما المتابعة في مذهبهما فالقائل بأن مذهب الصحابي حجة قائل بوجوب اتباعه، والقائل أنه ليس بحجة قائل بتحريم اتباعه على غيره من المجتهدين، ويلزم من ذلك الخطأ بسكوت الصحابة عن الانكار