المنقول، بما ظهر على يده من المعجزات، والآيات الباهرات، ليكون فيما يسنده إليه من الأقوال والاحكام محققا.
ولا يشترط أن يكون عارفا بدقائق علم الكلام، متبحرا فيه، كالمشاهير من المتكلمين، بل أن يكون عارفا بما يتوقف عليه الايمان، مما ذكرناه، ولا يشترط أن يكون مستند علمه في ذلك الدليل المفصل، بحيث يكون قادرا على تقريره وتحريره ودفع الشبه عنه، كالجاري من عادة الفحول، من أهل الأصول، بل أن يكون عالما بأدلة هذه الأمور من جهة الجملة، لا من جهة التفصيل.
الشرط الثاني أن يكون عالما عارفا بمدارك الأحكام الشرعية وأقسامها، وطرق إثباتها، ووجوه دلالاتها على مدلولاتها، واختلاف مراتبها، والشروط المعتبرة فيها، على ما بيناه، وأن يعرف جهات ترجيحها عند تعارضها، وكيفية استثمار الاحكام منها، قادرا على تحريرها وتقريرها، والانفصال عن الاعتراضات الواردة عليها.
وإنما يتم ذلك بأن يكون عارفا بالرواة وطرق الجرح والتعديل، والصحيح والسقيم، كأحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وأن يكون عارفا بأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ في النصوص الاحكامية، عالما باللغة والنحو، ولا يشترط أن يكون في اللغة كالأصمعي، وفي النحو كسيبويه والخليل، بل أن يكون قد حصل من ذلك على ما يعرف به أوضاع العرب والجاري من عاداتهم في المخاطبات، بحيث يميز بين دلالات الألفاظ من المطابقة، والتضمين، والالتزام، والمفرد والمركب، والكلي منها والجزئي، والحقيقة والمجاز، والتواطئ والاشتراك، والترادف والتباين، والنص والظاهر، والعام والخاص، والمطلق والمقيد، والمنطوق