الثالث: أنه لو كان متعبدا باتباع شرع من قبله إما في الكل أو البعض، لما نسب شئ من شرعنا إليه، على التقدير الأول، ولا كل الشرع إليه، على التقدير الثاني، كما لا ينسب شرعه، عليه السلام، إلى من هو متعبد بشرعه من أمته، وهو خلاف الاجماع من المسلمين.
الرابع: أن إجماع المسلمين على أن شريعة النبي، عليه السلام، ناسخة لشريعة من تقدم، فلو كان متعبدا بها، لكان مقررا لها ومخبرا عنها، لا ناسخا لها، ولا مشرعا، وهو محال.
فإن قيل على الحجة الأولى: إنما لم يتعرض معاذ لذكر التوراة والإنجيل، اكتفاء منه بآيات في الكتاب تدل على اتباعهما، على ما يأتي، ولأن اسم الكتاب يدخل تحته التوراة والإنجيل، لكونهما من الكتب المنزلة.
وأما الحجة الثانية، لا نسلم أن تعلم ما قيل بالتعبد به من الشرائع ليس من فروض الكفايات، ولا نسلم عدم مراجعة النبي، عليه السلام، لها. ولهذا نقل عنه مراجعة التوارة في مسألة الرجم، وما لم يراجع فيه شرع من تقدم، إما لان تلك الشرائع لم تكن مبينة له، أو لأنه ما كان متعبدا باتباع الشريعة السالفة الا بطريق الوحي، ولم يوح إليه به.
وأما عدم بحث الصحابة عنها، فإنما كان لان ما تواتر منها كان معلوما لهم وغير محتاج إلى بحث عنه، وما كان منها منقولا على لسان الآحاد من الكفار لم يكونوا متعبدين به.
وأما الحجة الثالثة فإنما ينسب إليه ما كان متعبدا به من الشرائع بأنه من شرعه بطريق التجوز، لكونه معلوما لنا بواسطته وإن لم يكن هو الشارع له.
وأما الحجة الرابعة فنحن نقول بها، وأن ما كان من شرعه مخالفا لشرع من تقدم فهو ناسخ له، وما لم يكن من شرعه بل هو متعبد فيه باتباع شرع من تقدم، فلا.
1 - الاحتمال الثاني هو الذي يتفق مع تحرير محل النزاع ومع ما قال به أصحاب المذهب الأول 2 - الظاهر لهم لم يتركوا ذلك الا لا نهم لم يكلفوا بالبحث عن شئ من شرائعهم في غير ما ثبت لديهم في الكتاب والسنة كما تقدم