يقضي بالقصاص وليس في الكتب ما يقضي بالقصاص في السن سوى التوراة، وهو قوله تعالى فيها * (السن بالسن) * (المائدة: 45) وأيضا ما روي عنه أنه قال من نام عن صلاة أو أنسيها، فليصلها إذا ذكرها وتلا قوله تعالى * (أقم الصلاة لذكري) * (طه: 14) وهو خطاب مع موسى، عليه السلام.
والجواب قولهم (إنما لم يذكر معاذ التوراة والإنجيل، لدلالة القرآن عليهما) لا نسلم ذلك، وما يذكرونه في ذلك، فسيأتي الكلام عليه. وإن سلمنا ذلك، لكن لا يكون ذلك كافيا عن ذكرهما، كما لو لم يكن ما في القرآن من ذكر السنة والقياس على ما بيناه، كافيا عن ذكرهما، أو أن لا يكون إلى ذكر السنة والقياس في خبر معاذ حاجة، وكل واحد من الامرين على خلاف الأصل.
قولهم (إن الكتب السالفة مندرجة في لفظ الكتاب) ليس كذلك، لان المتبادر من إطلاق لفظ الكتاب في شرعنا عند قول القائل قرأت كتاب الله، وحكمت بكتاب الله ليس غير القرآن. وذلك لما علم من معاناة المسلمين لحفظ القرآن ودراسته والعمل بموجباته، دون غيره من الكتب السالفة.
قولهم: لا نسلم أن تعلم ما تعبد به من الشرائع الماضية ليس فرضا على الكفاية - قلنا: لان إجماع المسلمين قبل ظهور المخالفين، على أنه لا تأثيم بترك النظر على كافة المجتهدين في ذلك.