وعن الاعتراض الأول للمذهب الثاني بمنع دعوة من سبق من الأنبياء لكافة المكلفين إلى اتباعه، فإنه لم ينقل في ذلك لفظ يدل على التعميم، ليحكم به.
وبتقدير نقله فيحتمل أن يكون زمان نبينا، عليه السلام، زمان اندراس الشرائع المتقدمة وتعذر التكليف بها، لعدم نقلها وتفصيلها، ولذلك بعث في ذلك الزمان.
وعن الاعتراض الثاني أنا لا نسلم ثبوت شئ مما ذكروه بنقل يوثق به، وبتقدير ثبوته لا يدل ذلك على أنه كان متعبدا به شرعا، لاحتمال أن تكون صلاته وحجته وعمرته وتعظيمه للبيت بطريق التبرك بفعل مثل ما نقل جملته عن أفعال الأنبياء المتقدمين، واندرس تفصيله.
وأما أكل اللحم وذبح الحيوان واستسخاره للبهائم، فإنما كان بناء منه على أنه لا تحريم قبل ورود الشرع.
وأما تركه للميتة بناء على عيافة نفسه لها، كعيافته لحم الضب، أما أن يكون متعبدا بذلك شرعا، فلا.