مغلوبا فنسبة الوصف الآخر إليه لا تخلو من الأقسام الثلاثة، ويترجح ما ذكرناه بتقديرين آخرين منها، وإنما لا يترجح ما ذكرناه بتقدير أن يكون كل واحد من الوصفين مرجوحا، فإذا ما ذكرناه يتم على تقديرات أربعة، ولا يتم على تقدير واحد، وفيه دقة، فليتأمل.
الوجه الثاني أن العاقل إذا عن له مقصودان متساويان، وكانت المقدمات الموصلة إلى أحدهما أكثر من مقدمات الآخر، فإنه يبادر إلى مقدماته أقل، ولولا أن ذلك أفضى إلى مقصوده وأغلب، لما كان إقدامه عليه أغلب، لخلوه عن الفائدة المطلوبة من تصرفات العقلاء.
قولهم: وإن كان البقاء أغلب من التغير فلا يلزم أن يكون غالبا على الظن، قلنا: إذا كان البقاء أغلب من مقابله فهو أغلب على الظن منه، ويجب المصير إليه، نظرا إلى أن المجتهد مؤاخذ بما هو الأظهر عنده.
قولهم: إنما يدل ما ذكرتموه على غلبة الظن فيما هو قابل للبقاء.
قلنا: الاعراض إن كانت باقية، فلا إشكال، وإن لم تكن باقية بأنفسها، فممكنة البقاء بطريق التجدد، كسواد الغراب وبياض الثلج. وعلى كل تقدير فالكلام إنما هو واقع فيما هو ممكن التجدد من الاعراض، لا فيما هو غير ممكن.
وعما ذكروه على الوجه الرابع أن يقال: مجرد الامكان غير محوج إلى المؤثر، بل المحوج إليه إنما هو الامكان المشروط بالحدوث أو الحدوث المشروط بالامكان.
وعن المعارضات، أما الحوادث فإنما خالفنا فيها الأصل، لوجود السبب الموجب للحدوث ونفي حكم الدليل مع وجوده لمعارض، أولى من إخراجه عن الدلالة وإبطاله بالكلية، مع ظهور دلالته.
وأما تقديم الشهادة المثبتة على النافية، وإن كانت معتضدة بأصل براءة الذمة، فإنما كان لاطلاع المثبت على السبب الموجب لمخالفة براءة الذمة وعدم اطلاع النافي عليه، لامكان حدوثه حالة غيبة النافي عن المنكر، وتعذر صحبته له واطلاعه