وعما ذكروه على الوجه الثاني أن الاقدام على الفعل لغرض موهوم غير ظاهر إنما يكون فيما لا خطر في فعله ولا مشقة كما ذكروه من المثال.
وأما ما يلزم الخطر والمشقة في فعله، فلا بد وأن يكون لغرض ظاهر راجح على خطر ذلك الفعل ومشقته، على ما تشهد به تصرفات العقلاء وأهل العرف، من ركوب البحار ومعاناة المشاق من الاسفار، فإنهم لا يرتكبون ذلك إلا مع ظهور المصلحة لهم في ذلك ومن فعل ذلك لا مع ظهور المصلحة في نظره عد سفيها مخبطا في عقله، وما وقع به الاستشهاد من تنفيذ الودائع وإرسال الرسل إلى من بعدت مدة غيبته، والشهادة بالدين على من تقدم إفراره، من هذا القبيل، فكان الاستصحاب فيه ظاهرا.
وعما ذكروه على الوجه الثالث أولا فجوابه بزيادة افتقار التغير إلى تجدد علة موجبة للتغير بخلاف البقاء، لامكان اتحاد علة المتجددات.
وما ذكروه ثانيا فجوابه من وجهين.
الأول أن الشئ إذا كان موقوفا على شئ واحد، والآخر على شيئين، فما يتوقف على شئ واحد لا يتحقق عدمه إلا بتقدير عدم ذلك الشئ، وما يتوقف تحققه على أمرين يتم عدمه بعدم كل واحد من ذينك الامرين.
ولا يخفى أن ما يقع عدمه على تقديرين يكون عدمه أغلب من عدم ما لا يتحقق عدمه إلا بتقدير واحد. وما كان عدمه أغلب، كان تحققه أندر، وبالعكس مقابله.
فإن قيل: عدم الواحد المعين إما أن يكون مساويا في الوقوع لعدم الواحد من الشيئين، أو غالبا، أو مغلوبا، ولا تتحقق غلبة الظن فيما ذكرتموه بتقدير غلبة الواحد المعين ومساواته وإنما يتحقق ذلك بتقدير كونه مغلوبا.
ولا يخفى أن وقوع أحد أمرين لا بعينه أغلب من وقوع الواحد المعين كما ذكرتموه.
قلنا: إذا نسبنا أحد الشيئين لا بعينه إلى ذلك الواحد المعين فإما أن يكون عدمه أغلب من ذلك المعين، أو مساويا له، أو مغلوبا، فإن كان الأول لزم ما ذكرناه، وإن كان الثاني، فكذلك أيضا، لترجحه بضم عدم الوصف الآخر إليه، وإن كان