عقليا يرتفع به موضوع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان (قال الشيخ) أعلى الله مقامه ودعوى ان حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل بيان عقلي فلا يقبح بعده المؤاخذة مدفوعة (انتهى) (وقد أفاد) في وجه الدفع ما حاصله ان حكم العقل بدفع الضرر المحتمل لا يكون بيانا للتكليف المجهول كي يرتفع به موضوع قبح العقاب بلا بيان وانما هو بيان لقاعدة كلية ظاهرية يوجب استحقاق العقاب على مخالفتها وإن لم يكن تكليف في الواقع بل قاعدة قبح العقاب بلا بيان واردة على قاعدة دفع الضرر المحتمل يرتفع بها موضوعها وهو احتمال الضرر أي العقاب (هذا ملخص ما أفاده الشيخ) في وجه الدفع ومرجعه إلى أمرين.
(أحدهما) الجواب عن ورود قاعدة الدفع على قاعدة القبح.
(ثانيهما) دعوى ورود قاعدة القبح على قاعدة الدفع بعكس ما ادعاه المتوهم (واما المصنف) فلم يفد في وجه الدفع سوى دعوى ورود قاعدة القبح على قاعدة الدفع فقابل الدعوى بالدعوى.
(أقول) (اما الجواب) عن ورود قاعدة الدفع على قاعدة القبح (ففيه ما لا يخفى) فإن حكم العقل بدفع الضرر المحتمل وإن لم يكن بيانا للتكليف المجهول ولكن عدم البيان المأخوذ موضوعا لقاعدة القبح مما لا ينحصر بعدم بيان الواقع المجهول كما تقدم بل يشمل عدم بيان الاحتياط عند الشك في الواقع المجهول وحينئذ فللمتوهم أن يقول كما ان ببيان الشارع للاحتياط في الشبهات يرتفع موضوع قاعدة القبح فكذلك ببيان العقل للاحتياط فيها لدفع الضرر المحتمل يرتفع موضوعها (واما دعوى) ورود قاعدة القبح على قاعدة الدفع (ففيها ما لا يخفى) أيضا إذ دعوى ان مع استقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان لا يبقى احتمال الضرر والعقاب أصلا ليست بأولى من دعوى ان مع استقلال العقل بدفع الضرر المحتمل لا يكاد يبقى اللابيان أصلا فيتعارضان القاعدتان بعضهما مع بعض (والذي يحسم الإشكال)