وإن كان كلام بعضهم صريحا في دعوى الاتفاق على إباحة الأشياء حتى يرد فيها النهي وهو أيضا أجنبي عن المقام.
(إلى ان قال الثالث) الإجماع العملي الكاشف عن رضاء المعصوم عليه السلام فإن سيرة المسلمين من أول الشريعة بل في كل شريعة على عدم الالتزام والإلزام بترك ما يحتمل ورود النهي عنه من الشارع بعد الفحص وعدم الوجدان وان طريقة الشارع كان تبليغ المحرمات دون المباحات وليس ذلك الا لعدم احتياج الرخصة في الفعل إلى البيان وكفاية عدم وجدان النهي فيها (انتهى موضع الحاجة) من كلامه رفع مقامه (ثم لا يخفى) ان قول المصنف واما الإجماع فقد نقل على البراءة إلى آخره ناظر إلى الوجه الثاني من وجوه التقرير الثاني (وحاصله) ان نقل الإجماع في المسألة موهون جدا ولو قلنا باعتبار الإجماع المنقول في الجملة على التفصيل المتقدم في محله وذلك لأن تحصيل الإجماع على نحو يكشف عن رضاء الإمام عليه السلام في مثل المسألة مما استدل فيه بالدليل العقلي والنقلي بعيد غاية البعد لجواز استنادهم فيها إلى الدليل العقلي أو النقلي لا إلى رأي الإمام عليه السلام (وعليه) فلا يكون الإجماع دليلا مستقلا برأسه غير ما بأيدينا من العقل والنقل جدا.
(أقول) اما الإجماع على التقرير الأول فهو كما أفاد الشيخ أعلى الله مقامه مما لا ينفع الا بعد عدم تمامية ما ذكر للقول بالاحتياط من الدليل النقلي بل العقلي بوجهيه الآتيين من العلم الإجمالي بوجود المحرمات في المشتبهات ومن أن الأصل في الأشياء الحظر أو الوقف إلى أن يرد الرخصة (واما الإجماع) على التقرير الثاني فلا يكاد ينفع أيضا بجميع وجوهه كلا بعد أن ذهب معظم الأخباريين إلى الاحتياط وهم من أجلاء الأصحاب وأساطين الشيعة (وعليه) فالأولى بل اللازم هو رفع اليد عن الاستدلال بالإجماع لأصالة البراءة رأسا والاكتفاء بما تقدم من بعض الآيات الشريفة وجملة من الأخبار المروية وما سيأتي من حكم العقل بعد الجواب عن أدلة الاحتياط من