يتضح) ان دليل الاحتياط لو تم لكان واردا على حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان يرتفع به موضوعه من أصله.
(الثالث) انه قد يتوهم في المقام ان حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان مما يختص بالشبهات الحكمية فقط فإنها هي التي من شأن الشارع بيان الواقع فيها دون الشبهات الموضوعية مثل كون هذا المائع خمرا يحرم شربه أو ذلك الرجل عالما يجب إكرامه وهكذا (ولكن) يرد عليه أن الشارع وإن لم يكن من شأنه بيان الواقع في الشبهات الموضوعية ولكن كان من شأنه بيان الاحتياط فيها فإذا لم يبين فيها جرى حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان بلا كلام.
(نعم يمكن) دعوى عدم جريان حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان في الشبهات الموضوعية التي قد أحرز اهتمام الشارع بها جدا الا بعد الفحص واليأس كما في الشبهات الحكمية عينا كما إذا شك في كون هذا العين الزكوي بالغا حد النصاب أم لا أو في كون هذا المال المعين بالغا حد الاستطاعة أم لا فيكون مجرد الاحتمال فيها بمنزلة البيان بل بعض الشبهات الموضوعية لا تكاد تجري البراءة فيه إلى الآخر حتى بعد الفحص بحد اليأس إذا لم يزل الشك بعده كما إذا كان المحتمل فيه مهما جدا غاية الأهمية كما إذا احتمال احتمالا معتدا به أن هذا سم قاتل يقطع به الأمعاء بمجرد الشرب أو احتمل أن هذا الشيخ المرئي نفس محترمة لا يجوز رميه بالسهم أبدا وهكذا فيكون هذا النحو من الشبهات الموضوعية أعلى شأنا من الشبهات الحكمية وهذا واضح.
(قوله ولا يخفى انه مع استقلاله بذلك لا احتمال لضرر العقوبة في مخالفته فلا يكون مجال هاهنا لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل كي يتوهم انها تكون بيانا... إلخ) (إشارة إلى ما قد يتوهم في المقام من ورود قاعدة دفع الضرر المحتمل على قاعدة قبح العقاب بلا بيان (بدعوى) ان حكم العقل بدفع الضرر المحتمل يكون