إلا بطهور فإنه يفيد بمدلوله اللفظي على أن ما ثبت من الأحكام للطهارة في مثل لا صلاة الا بطهور وغيرها ثابت للمتطهر بالاستصحاب أو بالبينة والثاني مثل الأمثلة المذكورة يعني بها حكومة مثل أدلة نفي الضرر والحرج ورفع الخطأ والنسيان ونفي السهو عن كثير السهو ونفي السبيل على المحسنين إلى غير ذلك بالنسبة إلى الأحكام الأولية.
(وأما المتعارضان) فليس في أحدهما دلالة لفظية على حال الآخر من حيث العموم والخصوص وإنما يفيد حكما منافيا لحكم الآخر وبملاحظة تنافيهما وعدم جواز تحققهما واقعا يحكم بإرادة خلاف الظاهر في أحدهما المعين ان كان الآخر أقوى منه فهذا الآخر الأقوى قرينة عقلية على المراد من الآخر وليس في مدلوله اللفظي تعرض لبيان المراد منه (انتهى) موضع الحاجة من كلامه رفع مقامه.
(أقول) إن التوفيق العرفي بين الدليلين على نحو لو عرضا على العرف وفق بينهما بحمل أحدهما على الاقتضائي والآخر على العلية التامة هو مما يرجع إلى ترجيح أحد الدليلين بأقوائية المناط وأهمية المقتضي وهذا لا يكون إلا في المتزاحمين (وعليه) فإن قلنا إن دليل نفي الضرر ليس إلا لتحريم الضرر وعدم جوازه في الإسلام كسائر المحرمات بدعوى ان كون النفي للنهي والتحريم هو أقرب عرفا وأظهر انسباقا كما تقدم فتقديمه على ساير الأحكام يكون بأقوائية المناط وأهمية المقتضي وإن شئت قلت بالتوفيق العرفي كما أفاد المصنف وأما إذا قلنا إنه لنفي الأحكام الضررية كما اختاره المصنف تبعا للمشهور فلا محالة يكون حاكما على أدلة الأحكام كدليل الحرج ناظرا إليها مضيقا لدائرتها موجبا لحصرها بما إذا لم تكن ضررية كما أفاد الشيخ أعلى الله مقامه (ومن هنا يعرف) أن المصنف ما لزمه من القول بالحكومة لم يقل به وما قال به من التوفيق العرفي لم يلزمه.