الهيئات تركيب الحروف أيضا خواص كالفعلان والفعلى بالتحريك، كالنزوان والجيدي لما في مسماهما من الحركة، وكذا باب " فعل " بضم العين مثل شرف وكرم للأفعال الطبيعية اللازمة.
وهذا الكلام وإن كان لا يساعد عليه المذهب المعروف من أهل القول بالمناسبة الذاتية ولا ظاهر حجته المتقدمة - حسبما بيناه سابقا - غير أنه بنفسه دعوى لا تنكر في باب الوضع، فإن ما ذكره أيضا من الوجوه والاعتبارات الداعية إلى الوضع والتخصيص، ومنها: انطباق لفظ معين بصورته على الصوت المرتفع عن مسماه.
فإن شئت قلت: إنه يؤخذ من الألفاظ ما هو بوزان هذا الصوت، فيوضع لذيه كما في الغراب والهدهد، الموضوعين لنوعين من الطير، ولعل البعير الذي جمعه " الأباعر " من هذا الباب، ويمكن القول بكون " القصم " و " الفصم " أيضا من هذا الباب، كما يشهد به التأمل الصادق.
ومنها: ما لو كان المسمى مناسبا في بعض صفاته لمسمى لفظ آخر، فيؤخذ من ذلك اللفظ لفظ آخر ويوضع لذلك المسمى، كما في " الإنسان " المأخوذ على ما قيل من الأنس أو النسيان الموضوع للحيوان الناطق لما فيه من الوصفين.
وبالجملة: فالواضع لوجوب حكمته لا يعدل عما هو أولى من مراعاة ما يدفع عن فعله توهم الترجيح من غير مرجح، وليس بلازم أن يكون ذلك مناسبة ذاتية بمعنى يعم التناسب المتوهم فيما بين المعاني والحروف التي يتألف منها الألفاظ في الطبائع الأربع المذكورة على تقدير ثبوتها واطرادها في كلا الطرفين، وحصول الموافقة بينهما فيها، كيف وكل من ذلك محل منع.
* * *