المناسبة، ومرجعه حينئذ إلى ما قد يذكر في الفرق بينه وبين المشترك والمنقول من أن المشترك ما لم يلاحظ في وضعه لمعانيه المناسبة، والمنقول ما لوحظ في وضعه المناسبة، والمرتجل ما لوحظ في وضعه عدم المناسبة.
وعلى أي حال ففي عبارته من البداية إلى تلك النهاية من الغلق والاضطراب ما لا يخفى، وإصلاحها على وجه يسلم عن جميع المناقشات لا يكاد يحصل إلا بارتكاب أنحاء من التكلف، وإلا فالغلبة إن أريد بها الغلبة في الاستعمال الغير البالغة حد الحقيقة يرد عليه:
أولا: ما تقدم من اقتضائه ابتناء النقل والارتجال على انتفاء الوضع رأسا، وهو خلاف ما يستفاد من القوم.
وثانيا: خروج استعمالات المرتجل غلطا كما عرفت.
وثالثا: انتفاض عكس المجاز وطرد المنقول بالمجاز المشهور.
وإن أريد بها ما احتمله بعض المحققين (1) من بلوغ الاستعمال إلى أن يترك ويهجر المعنى الأول، على معنى أنه لم يستعمل فيه بدون القرينة إلا أهل الاصطلاح الآخر، لقضى بأن المجاز ما يعتبر فيه عدم هجران المعنى الأول لا انتفاء الوضع عن المعنى الثاني، وهو كما ترى.
[46] قوله: (فهو المرتجل... الخ) المستفاد من جماعة في الفرق بين المنقول والمرتجل، أن الأول ما نقل عن المعنى الأصلي إلى غيره لمناسبة بينهما، والثاني ما نقل إلى الغير لا لمناسبة بينهما " كجعفر " الموضوع لغة للنهر الصغير، و " طلحة " من الطلح الموضوعة في الأصل للشجرة الواحدة، اللذين سمي بهما الرجل، وهذا الاصطلاح للمرتجل يخالف ما عليه النحاة، من أنه ما جعل علما لشئ ولم يكن منقولا إليه من معنى آخر، كما حكاه في المنية (2).