وثانيهما: ما لم يتعدد فيه الوضع، فسماه بالوضع العام والموضوع له الخاص، ولعله أراد به التفرد في الطريقة والاصطلاح، وإلا فلو أراد به إصلاح كلام القوم وتقسيمهم فهو لا يتحمله جدا.
ومنهم من احتمل اندراجها في المشترك، بدعوى: أنه وإن تضمن تعدد الأوضاع لكنه أعم من التعدد الحقيقي كما في المشترك المعهود، والمتعدد الانحلالي كما في هذه الألفاظ، فإن وضعها وإن كان عاما لكنه لتعلقه بالمتعدد ينحل إلى أوضاع متعددة على حسب تعدد الخصوصيات، ويشكل ذلك بعدم مساعدة كلامهم عليه أيضا. نعم لو ثبت في كلامهم إطلاق المشترك على هذه الألفاظ كان لذلك وجه، غير أن هذا الإطلاق غير معهود منهم.
ولا يخفى أن هذه الوجوه في دفع الإشكال كأصل الإشكال مبنية على الغفلة عن حقيقة مرادهم في المقام، وعدم العثور على جهة تقسيمهم، فإن الألفاظ المذكورة مع دخولها في المقسم داخلة في النوع الأول من أنواعه على كلا المذهبين، ولا قصور في التقسيم أصلا ورأسا، ولذا ترى أن العلامة في النهاية قسم المعنى في هذا النوع إلى ما يكون المعنى فيه جزئيا فمثل له بالعلم والمضمر والمبهم وغير ذلك، وما يكون كليا.
ويقرب من ذلك ما صنع في التهذيب وقرره العميدي في شرحه، وإن اقتصر فيه على ذكر العلم والمضمر، فالألفاظ المذكورة على مقتضى كلامهم مندرجة في هذا النوع كالعلم، وإن حصل الفرق بينه وبينها في أنه قابل لأن يتحقق فيه الحيثيات المأخوذة في سائر الأنواع وأقسام النوع الرابع، من المشترك والمنقول والمرتجل والحقيقة والمجاز، فيندرج في كل منها إذا أخذت فيه غير الحيثية المأخوذة في النوع الأول بخلافها، فإنها لا يوجد فيها إلا الحيثية المأخوذة في هذا النوع، وليست قابلة لأن يطرأها حيثيات أقسام النوع الرابع، ضرورة أن الجزئيات الواقعة موضوعا لها أو مستعملا فيها وإن كانت أمورا متكثرة في حد ذواتها غير أنه لا عبرة بهذا التكثر، بل هو بمقتضى طريقتهم في حكم الاتحاد، إذ قد عرفت أن هذا التقسيم إنما هو باعتبار نسبة الألفاظ إلى المعاني.