أما الأول: فلوضوح الفرق بين صدق الشئ على أمور وبين تردده بين أمور، فإن الصدق - على ما بيناه - عبارة عن مطابقة النسبة المأخوذة في القضايا التي محمولها الكلي وموضوعاتها الكثيرون للواقع، ويلزم من صدقها في الجميع كون الحمل المأخوذ فيها متعارفيا، وهو يقتضي كون المحمول متحد الوجود مع الكثيرين، ومعناه أن يكون موجودا مع كل واحد حال وجوده مع الآخر، والصدق بهذا المعنى منتف فيما بين الشبح والأمور العديدة.
أما أولا: فلأن الشبح حيثما يؤخذ في القضية بالنسبة إلى هذه الأمور، فإنما يعتبر موضوع القضية وهذه الأمور محمولا فيها، فيقال: هذا إما زيد أو عمرو مثلا.
وأما ثانيا: فلأن صدق الشبح مع بعض هذه الأمور في الواقع يوجب امتناع صدقه مع الآخر، وإنما الموجود فيه هو التردد الذي هو عبارة عن احتمال صدقه على هذا أو ذلك على البدل، بل عن احتمال كون الشئ المردد هذا بعينه أو ذاك بعينه على البدل، مع امتناع كونه ذاك على تقدير كونه هذا بعينه، وامتناع كونه هذا بعينه على تقدير كونه ذاك بعينه في الواقع، وهذا بعينه معنى كونه جزئيا، وليس فيه شائبة من الصدق على الكثيرين، وإنما يحصل التردد في الشبح ونحوه من جهة تبين كونه جزئيا حقيقيا لم يتبين خصوصية تعينه التي بها يمتاز عن جميع ما عداه، ومن جهتها امتنع صدقه على غيره في نظر الرائي، على معنى أنه مع علمه بكونه جزئيا حقيقيا يردده بين أمور لعدم تبين خصوصية تعينه، فالتردد إنما هو لاحتمال هذه الخصوصية المجهولة لخصوصيات الأمور المردد فيها، ولأجل ذلك لو صح الحمل مع بعض هذه الأمور في الواقع كان ذاتيا مقتضيا لكونه متحد الذات مع هذا البعض، ومعه يمتنع صدقه على البعض الآخر، لرجوعه إلى فرض الصدق بين هذه الأمور.
وبذلك يندفع توهم الصدق على الأمور في شبح الطفل، مع توجه المنع