جزئيتها، وليست الحروف والأفعال لمعانيها النسبية من هذا القبيل، لاتفاق الفريقين من القدماء والمتأخرين على عدم اتفاق استعمالهما في المفاهيم الكلية التي وضعت لها على رأي الأولين، أو لوحظت آلة للملاحظة على رأي الآخرين، فهي بالقياس إلى الجزئيات المستعمل فيها إما حقائق لا مجاز لها، أو مجازات لا حقيقة لها، فالوصفان غير مجتمعين فيها باتفاق الفريقين.
ولا يخفى أن الوجه الثاني لو تم وصلح نكتة لجرى في أسماء الإشارة والضمائر والموصولات وغيرها مما يشارك الحروف في الوضع لأمر عام، لكون الكل من واد واحد، وقضية ذلك عدم جريان الاصطلاح المذكور في المذكورات أيضا.
وهذا وإن التزمه بعض الأعلام (1) على رأي المتأخرين، تعليلا بكونها حينئذ تشبه الحرف لمناسبتها إياه في الوضع، بل المتصف بهما حينئذ هو الموارد الخاصة بخلافه على رأى القدماء، فإنها حينئذ تدخل في الكلي، لكن يأباه ما يوجد في تضاعيف عباراتهم من إطلاق الجزئي عليها، كما يقف عليه المتتبع، بل هو مما ورد التصريح به في عبارة شارح المنهاج المتقدم ذكرها، فإن التمثيل " بهذا الإنسان " في تلك العبارة للجزئي تنصيص على أن الجزئي يطلق عندهم على اسم الإشارة، والظاهر من طريقتهم عدم الفرق بينه وبين المضمر والموصول، لكون الكل من باب واحد.
وعليه فما عرفته عن بعض الأعلام يشبه بكونه اجتهادا في مقابلة النص، مع كون تعليله بنفسه عليلا لقصور مجرد الشباهة في الوضع عن منع الاتصاف.
نعم إنما يظهر أثر تلك الشباهة في الأحكام الراجعة إلى أصل اللغة كالإعراب والبناء، لمكان أنها لما وردت مبنية في أصل اللغة التزمنا بكونه لعلة الشباهة المذكورة لمبنى الأصل، وأما كونها مؤثرة في الأمور الاصطلاحية أيضا فغير ثابت بل الثابت خلافه على ما عرفت.