ولا ريب أن هذه الخصوصية ما دامت موجودة كانت مانعة عن صدقه على كثيرين بل على غيره، على معنى صحة حمله المقتضي لاتحاده مع كل في الخارج.
نعم هو مع إلغاء تلك الخصوصية وإن كان مما يمكن صدقه على كثيرين، غير أنه خرج بهذا الاعتبار عن كونه جزئيا وانقلب كليا ولا كلام فيه.
وأما هو ما دام جزئيا فليس قابلا للصدق على الكثرة، ولا قابلا لتقدير صدقه، على معنى أن صدقه عليها كما أنه بنفسه ممتنع كذلك تقديره أيضا ممتنع، وهو الفارق بينه وبين الكلي، فهو بعد ما شارك الكلي في ضمن بعض أقسامه في امتناع أصل الصدق على الكثرة، يفارقه بامتناع تقدير الصدق فيه أيضا دون الكلي، وقضية قولهم: " فرض المحال ليس بمحال " ليست على إطلاقها، بل رب ممتنع تقديره أيضا ممتنع.
وضابطه الكلي أن كل ممتنع بحسب الخارج إذا كان معقولا في الذهن فتقديره ليس بممتنع، كما في وجود شريك الباري مثلا، ضرورة أنه يدخل له فرد في الذهن كالآلهة الباطلة وإن امتنع دخوله في الخارج، فكل ممتنع بحسب الخارج إذا لم يكن معقولا فتقديره أيضا ممتنع، لأن تقدير الشئ فرع لتصوره وهو فرع لمعقوليته، فما لم يعقل لم يتصور وما لم يتصور استحال تقديره، وذلك كاجتماع النقيضين أو الضدين في محل واحد خارجي، فإنه كما لا يدخل في ظرف الخارج كذلك لا يدخل في ظرف الذهن.
ولا ريب أن صدق بعض الكليات على الكثيرين من باب القسم الأول، وصدق الجزئي الحقيقي عليها من قبيل القسم الثاني.
توضيحه: أن صدق المفهوم على الكثرة معناه يرجع إلى أنه لو اعتبرنا قضايا عديدة على حسب عدد تلك الكثرة، على وجه أخذ المفهوم محمولا فيها والكثرة المفروضة موضوعاتها على نحو التوزيع كانت بأجمعها صادقة، كما في صدق الإنسان على أفراده الراجع إلى صدق قولنا: " زيد إنسان " و " عمرو إنسان " و " بكر إنسان " وهكذا.