تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ٣٦
سورة نوح عليه السلام مكية وآياتها ثمان وعشرون «بسم الله الرحمن الرحيم» «إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك» اي بأن أنذرهم على أن ان مصدرية حذف منها الجار وأوصل إليها الفعل فان حذفه مع أن وان مطرد وجعلت صلتها امرا كما في قوله تعالى وأن أقم وجهك لأن مدار وصلها بصيغ الأفعال دلالتها على المصدر وذلك لا يختلف بالخبرية والانشائية ووجوب كون الصلة خبرية في الموصول الأسمى انما هو للتوصل إلى وصف المعارف بالجمل الخبرية وليس الموصول الحرفي كذلك وحيث استوى الخبر والانشاء في الدلالة على المصدر استويا في صحة الوصل بهما فيتجرد عند ذلك كل منهما عن المعنى الخاص بصيغته فيبقى الحدث المجرد عن معنى الأمر والنهي والمضي والاستقبال كأنه قيل أرسلناه بالانذار وقيل المعنى أرسلناه بأن قلنا له انذر اي أرسلناه بالأمر بالانذار ويجوز ان تكون أن مفسرة لما في الارسال من معنى القول فلا يكون للجملة محل من الاعراب وعلى الأول محلها النصب عند سيبويه والفراء والجر عند الخليل والكسائي كما هو المعروف وقرئ انذر بغير ان على إرادة القول «من قبل أن يأتيهم عذاب أليم» عاجل أو آجل لئلا يبقى لهم عذر ما أصلا «قال» استئناف مبنى على سؤال نشأ من حكاية ارساله عليه الصلاة والسلام بالوجه المذكور كأنه قيل ما فعل عليه الصلاة والسلام فقيل قال لهم «يا قوم إني لكم نذير مبين» منذر موضح لحقيقة الأمر وقوله تعالى «أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون» متعلق بنذير على الوجهين المذكورين «يغفر لكم من ذنوبكم» اي بعض ذنوبكم وهو ما سلف في الجاهلية فان الاسلام يجبه «ويؤخركم إلى أجل مسمى» هو الأمد الأقصى الذي قدره الله تعالى لهم بشرط الايمان والطاعة وراء ما قدره لهم على تقدير بقائهم على الكفر والعصيان فان وصف الأجل بالمسمى وتعليق تأخيرهم اليه
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة