عند وروده لها فضل تمكن «لتسلكوا منها سبلا فجاجا» اى طرقا واسعة جمع فج وهو الطريق الواسع وقيل هو المسلك بين الجبلين ومن متعلقة بما قبلها لما فيه من معنى الاتخاذ أو بمضمر هو حال من سبلا اى كائنة من الأرض ولو تأخر لكان صفة لها «قال نوح» أعيد لفظ الحكاية لطول العهد بحكاية مناجاته لربه اى قال مناجيا له تعالى «رب إنهم عصوني» اى تموا على عصياني فيما امرتهم به مع ما بالغت في ارشادهم بالعظة والتذكير «واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا» اى واستمروا على اتباع رؤسائهم الذين أبطرتهم أموالهم وغرتهم أولادهم وصار ذلك سببا لزيادة خسارهم في الآخرة فصاروا أسوة لهم في الخسار وفى وصفهم بذلك اشعار بأنهم انما اتبعوهم لوجاهتهم الحاصلة لهم بسبب الأموال والأولاد لا لما شاهدوا فيهم من شبهة مصححة للاتباع في الجملة وقرى وولده بالضم والسكون على انه لغة كالحزن أو جمع كالأسد «ومكروا» عطف على صلة من والجمع باعتبار معناها كما ان الافراد في الضمائر الأول باعتبار لفظها «مكرا كبارا» اى كبيرا في الغاية وقرئ بالتخفيف والأول أبلغ منه وهو أبلغ من الكبير وذلك احتيالهم في الدين وصدهم للناس عنه وتحريشهم لهم في أذية نوح عليه السلام «وقالوا لا تذرن آلهتكم» اى لا تتركوا عبادتها على الاطلاق إلى عبادة رب نوح «ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا» أي ولا تذرن عبادة هؤلاء خصوها بالذكر مع اندراجها فيما سبق لأنها كانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم وقد انتقلت هذه الأصنام عنهم إلى العرب ود لكلب وسواع لهمدان ويغوث لمذحج ويعوق لمراد ونسر لحمير وقيل هي أسماء رجال صالحين كانوا بين آدم ونوح وقيل من أولاد آدم عليه السلام ماتوا فقال إبليس لمن بعدهم لو صورتم صورهم فكنتم تنظرون إليهم وتتبركون بهم ففعلوا فلما مات أولئك قال لمن بعدهم انهم كانوا يعبدونهم فعبدوهم وقيل كان ود على صورة رجل وسواع على صورة امرأة ويغوث على صورة أسد ويعوق على صورة فرس ونسر على صورة نسر وقرئ ودا بضم الواو ويغوثا ويعوقا للتناسب ومنع صرفهما للعجمة والعلمية «وقد أضلوا» اي الرؤساء «كثيرا» خلقا كثيرا أو الأصنام كقوله تعالى رب انهن أضللن كثيرا من الناس «ولا تزد الظالمين إلا ضلالا» عطف على قوله تعالى رب انهم عصوني على حكاية كلام نوح بعد قال
(٤٠)