(سورة الملك مكية وتسمى الواقية والمنجية لأنها تقي وتنجي قارئها من عذاب القبر وآياتها ثلاثون) (بسم الله الرحمن الرحيم) (تبارك الذي بيده الملك) البركة والنماء والزيادة حسية كانت أو عقلية وكثرة الخير ودوامه أيضا ونسبتها إلى الله عز وجل على المعنى الأول وهو الأليق بالمقام باعتبار تعاليه عما سواه في ذاته وصفاته وأفعاله وصيغة التفاعل للمبالغة في ذلك فان مالا يتصور نسبته اليه تعالى من الصيغ كالتكبر ونحوه انما تنسب اليه سبحانه باعتبار غاياتها وعلى الثاني باعتبار كثرة ما يفيض منه على مخلوقاته من فنون الخيرات والصيغة حينئذ يجوز ان تكون لإفادة نماء تلك الخيرات وازديادها شيئا فشيئا وآنا فآنا بحسب حدوثها أو حدوث متعلقاتها ولاستقلالها بالدلالة على غاية الكمال وإنبائها عن نهاية التعظيم لم يجز استعمالها في حق غيره سبحانه ولا استعمال غيرها من الصيغ في حقه تبارك وتعالى واسنادها إلى الموصول للاستشهاد بما في حيز الصلة على تحقق مضمونها واليد مجاز عن القدرة التامة والاستيلاء الكامل أي تعالى وتعاظم بالذات عن كل ما سواه ذاتا وصفة وفعلا الذي بقبضة قدرته التصرف الكلي في كل الأمور «وهو على كل شيء» من الأشياء «قدير» مبالغ في القدرة عليه يتصرف فيه حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة والجملة معطوفة على الصلة مقررة لمضمونها مفيدة لجريان احكام ملكه تعالى في جلائل الأمور ودقائقها وقوله تعالى «الذي خلق الموت والحياة» شروع في تفصيل بعض أحكام الملك وآثار القدرة وبيان ابتنائهما على قوانين الحكم والمصالح واستتباعهما لغايات جليلة والموصول بدل من الموصول الأول داخل معه في حكم الشهادة بتعاليه تعالى والموت عند أصحابنا صفة وجودية مضادة للحياة وأما ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما من أنه تعالى خلق الموت في صورة كبش أملح لا يمر بشيء ولا يجد رائحتها شيء الا حي وخلق الحياة في صورة فرس بلقاء لا تمر بشيء ولا يجد رائحتها شيء إلا حي فكلام وارد على منهاج التمثيل والتصوير وقيل هو عدم الحياة فمعنى خلقه حينئذ تقديره أو إزالة الحياة وأيا ما كان فالأقرب ان المراد به الموت الطارئ وبالحياة ما قبله وما بعده لظهور مداريتهما لما ينطق به قوله تعالى «ليبلوكم أيكم أحسن عملا» فان استدعاء ملاحظتهما لإحسان العمل مما لا ريب فيه مع أن نفس العمل لا يتحقق بدون الحياة الدنيوية وتقديم الموت لكونه
(٢)