تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ١٤٨
سورة الغاشية مكية و آيها ست وعشرون بسم الله الرحمن الرحيم هل أتاك حديث الغاشية قيل هل بمعنى قد كما في قوله تعالى «هل أتى على الإنسان» الآية قال قطرب أي قد جاءك يا محمد حديث الغاشية وليس بذاك بل هو استفهام أريد به التعجيب مما في حيزه والتشويق إلى استماعه والاشعار بأنه من الأحاديث البديعة التي حقها أن يتناقلها الرواة ويتنافس في تلقيها الوعاة من كل حاضر وباد والغاشية الداهية الشديدة التي تغشى الناس بشدائدها وتكتنفهم بأهوالها وهي القيامة من قوله تعالى «يوم يغشاهم العذاب» الخ وقيل هي النار من قوله تعالى «وتغشى وجوههم النار» وقوله تعالى « ومن فوقهم غواش» والأول هو الحق فان ما سيروى من حديثها ليس مختصا بالنار وأهلها بل ناطق بأحوال أهل الجنة أيضا وقوله تعالى وجوه يومئذ خاشعة إلى قوله تعالى مبثوثة استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ من الاستفهام التشويقي كأنه قيل من جهته عليه الصلاة والسلام ما أتاني حديثها فما هو فقيل وجوه يومئذ أي يوم إذ غشيت ذليلة قال ابن عباس رضي الله عنهما لم يكن أتاه عليه الصلاة والسلام حديثها فأخبره عليه الصلاة والسلام عنها فقال وجوه الخ فوجوه مبتدأ ولا بأس بتنكيرها لأنها في موقع التنويع وخاشعة خبره وقوله تعالى عاملة ناصبة خبران آخران لوجوه إذ المراد بها أصحابها أي تعمل أعمالا شاقة تتعب فيها وهي جر السلاسل والأغلال والخوض في النار خوض الإبل في الوحل والصعود والهبوط في تلال النار ووهادها وقيل عملت في الدنيا أعمال السوء والتذت بها فهي يومئذ في نصب منها وقيل عملت ونصبت في أعمال لا تجدي عليها في الآخرة وقوله تعالى تصلى أي تدخل نارا حامية أي متناهية في الحر خبر آخر لوجوه وقيل هو الخبر وما قبله صفات لوجوه وقد مر غير مرة أن الصفة حقها أن تكون معلومة
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة