تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ١٦٩
سورة الضحى مكية و آيها احدى عشرة بسم الله الرحمن الرحيم والضحى هو وقت ارتفاع الشمس وصدر النهار قالوا تخصيصه بالإقسام به لأنها الساعة التي كلم فيها موسى عليه السلام وألقى فيها السحرة سجدا لقوله تعالى «وأن يحشر الناس ضحى» وقيل أريد به النهار كما في قوله تعالى «أن يأتيهم بأسنا ضحى» في مقابلة بياتا والليل أي جنس الليل إذا سجى أي سكن أهله أو ركد ظلامه من سجا البحر سجوا إذا سكنت أمواجه ونقل عن قتادة ومقاتل وجعفر الصادق ان المراد بالضحى هو الضحى الذي كلم الله تعالى فيه موسى عليه السلام وبالليل ليلة المعراج وقوله تعالى ما ودعك ربك جواب القسم أي ما قطعك قطع المودع وقرئ بالتخفيف أي ما تركك وما قلى أي وما أبغضك وحذف المفعول اما للاستغناء عنه بذكره من قبل أو للقصد إلى نفي صدور الفعل عنه تعالى بالكلية مع أن فيه مراعاة للفواصل روي أن الوحي تأخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما لتركه الاستثناء كما مر في سورة الكهف أو لزجره سائلا ملحا فقال المشركون ان محمدا ودعه ربه وقلاه فنزلت ردا عليهم وتبشيرا له عليه الصلاة والسلام بالكرامة الحاصلة والمترقبة كما يشعر به ايراد اسم الرب المنبئ عن التربية والتبليغ إلى الكمال مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام وحيث تضمن ما سبق من نفي التوديع والقلي أنه تعالى يواصله بالوحي والكرامة في الدنيا بشره عليه الصلاة والسلام بأن ما سيؤتيه في الآخرة أجل وأعظم من ذلك فقيل وللآخرة خير لك من الأولى لما أنها باقية صافية عن الشوائب على الاطلاق وهذه فانية مشوبة بالمضار وما أوتي عليه الصلاة والسلام من شرف النبوة وان كان مما لا يعادله شرف ولا يدانيه فضل
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة