تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ١٩٠
سورة العاديات مكية مختلف فيها و آيها إحدى عشرة بسم الله الرحمن الرحيم «والعاديات» أقسم سبحانه بخيل الغزاة التي تعدو نحو العدو وقوله تعالى «ضبحا» مصدر منصور إما بفعله المحذوف الواقع حالا منها أي تضبح ضبحا وهو صوت أنفسها عند عدوها أو بالعاديات فإن العدو مستلزم للضبح كأنه قيل والضابحات أو حال على أنه مصدر بمعنى الفاعل أي ضابحات «فالموريات قدحا» الإيراء إخراج النار والقدح الصك يقال قدح فأورى أي توري النار من حوافرها وانتصاب قدحا كانتصاب ضبحا على الوجوه الثلاثة «فالمغيرات» أسند الإغارة التي هي مباغتة العدو للنهب أو للقتل أو للأسر إليها وهي حال أهلها إيذانا بأنها العمدة في إغارتهم «صبحا» أي في وقت الصبح وهو المعتاد في الغارات يعدون ليلا لئلا يشعر بهم العدو ويهجمون عليهم صباحا ليروا ما يأتون وما يذرون وقوله تعالى «فأثرن به» عطف على الفعل الذي دل عليه اسم الفاعل إذ المعنى واللاتي عدون فأورين فأغرن فأثرن به أي فهيجن بذلك الوقت «نقعا» أي غبارا وتخصيص إثارته بالصبح لأنه لا يثور أو لا يظهر ثورانه بالليل وبهذا ظهر أن الإيراء الذي لا يظهر في النهار واقع في الليل ولله در شأن التنزيل وقيل النقع الصياح والجلبة وقرئ فأثرن بالتشديد بمعنى فأظهرن به غبارا لأن التأثير فيه معنى الإظهار «فوسطن به» أي توسطن بذلك الوقت أو توسطن ملتبسات بالنقع «جمعا» من جموع الأعداء والفاءات للدلالة على ترتب ما بعد كل منها على ما قبلها كما في قوله * يا لهف زيابة للحارث الله * الضابح فالغانم فالآيب * فإن توسط الجمع مترتب على الإثارة المترتبة
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة