تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ٤١
وبعد الواو النائبة عنه أي قال رب انهم عصوني وقال لا تزد الظالمين الا ضلالا ووضع الظاهر موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بالظلم المفرط وتعليل الدعاء عليهم به والمطلوب هو الضلال في تمشية مكرهم ومصالح دنياهم أو الضياع والهلاك كما في قوله تعالى ان المجرمين في ضلال وسعر و يؤيده ما سيأتي من دعائه عليه الصلاة والسلام «مما خطيئاتهم» اي من أجل خطياتهم وما مزيدة بين الجار والمجرور للتوكيد والتفخيم ومن لم ير زيادتها جعلها نكرة وجعل خطيئاتهم بدلا منها وقرئ مما خطاياهم ومما خطياتهم اي بسبب خطيئاتهم المعدودة وغيرها من خطاياهم «أغرقوا» بالطوفان لا بسبب آخر «فأدخلوا نارا» المراد اما عذاب القبر فهو عقيب الاغراق وان كانوا في الماء عن الضحاك انهم كانوا يغرقون من جانب ويحرقون من جانب أو عذاب جهنم والتعقيب لتنزيله منزلة المتعقب لإغراقهم لاقترابه وتحققه لا محالة وتنكير النار اما لتعظيمها وتهويلها أو لأنه تعالى أعد لهم على حسب خطيئاتهم نوعا من النار «فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا» اي لم يجد أحد منهم واحدا من الأنصار وفيه تعريض باتخاذهم آلهة من دون الله تعالى وبأنها غير قادرة على نصرهم وتهكم بهم «وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا» عطف على نظيره السابق وقوله تعالى مما خطيئاتهم الخ اعتراض وسط بين دعائه عليه الصلاة والسلام للايذان من أول الأمر بأن ما أصابهم من الاغراق والاحراق لم يصبهم الا لأجل خطيئاتهم التي عددها نوح عليه السلام وأشار إلى استحقاقهم للاهلاك لأجلها لا أنها حكاية لنفس الاغراق والاحراق على طريقة حكاية ما جرى بينه عليه الصلاة والسلام وبينهم من الأحوال والأقوال والا لأخر عن حكاية دعائه هذا وديارا من الأسماء المستعملة في النفي العام يقال ما بالدار ديار أو ديور كقيام وقيوم اي أحد وهو فيعال من الدور أو من الدار أصله ديوار قد فعل به ما فعل بأصل سيد لأفعال والا لكان دوارا «إنك إن تذرهم» عليها كلا أو بعضا «يضلوا عبادك» عن طريق الحق «ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا» اي الا من سيفجر ويكفر فوصفهم بما يصيرون اليه وكأنه اعتذار مما عسى يرد عليه من أن الدعاء بالاستئصال مع احتمال ان يكون من اخلافهم من يؤمن منكرا وانما قاله لاستحكام علمه بما يكون منهم ومن أعقابهم بعد ما جربهم واستقرأ أحوالهم قريبا من ألف سنة «رب اغفر لي
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة