تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ١٦٠
سورة البلد مكية و آيها عشرون بسم الله الرحمن الرحيم لا أقسم بهذا البلد أقسم سبحانه بالبلد الحرام وبما عطف عليه على أن الانسان خلق ممنوا بمقاساة الشدائد ومعاناة المشاق واعترض بين القسم وجوابه بقوله تعالى وأنت حل بهذا البلد اما لتشريفه عليه الصلاة والسلام بجعل حلوله به مناطا لإعظامه بالإقسام به أو للتنبيه من أول الأمر على تحقق مضمون الجواب بذكر بعض مواد المكابدة على نهج براعة الاستهلال وبيان أنه عليه الصلاة والسلام مع جلالة قدره وعظم حرمته قد استحلوه في هذا البلد الحرام وتعرضوا له بما لا خير فيه وهموا بما لم ينالوا عن شرحبيل يحرمون أن يقتلوا بها صيدا ويعضدوا بها شجرة ويستحلون إخراجك وقتلك أو لتسليته عليه الصلاة والسلام بالوعد بفتحه على معنى وأنت حل به في المستقبل كما في قوله تعالى «إنك ميت وإنهم ميتون» تصنع فيه ما تريد من القتل والأسر وقد كان كذلك حيث أحل له عليه الصلاة والسلام مكة وفتحها عليه وما فتحت على أحد قبله ولا أحلت له فأحل عليه الصلاة والسلام فيها ما شاء وحرم ما شاء قتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة ومقيس بن ضبابة وغيرهما وحرم دار أبي سفيان ثم قال ان الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام إلى أن تقوم الساعة لم تحل لأحد قبلي ولن تحل لأحد بعدي ولم تحل لي الا ساعة من نهار فلا يعضد شجرها ولا يختلي خلاها ولا ينفر صيدها ولا تحل لقطتها الا لمنشد فقال العباس يا رسول الله الا الإذخر فإنه لقيوننا وقبورنا وبيوتنا فقال عليه الصلاة والسلام إلا الإذخر ووالد عطف على هذا البلد والمراد به إبراهيم وبقوله تعالى وما ولد إسماعيل والنبي صلوات الله عليهم أجمعين حسبما ينبئ عنه المعطوف عليه فإنه حرم إبراهيم ومنشأ إسماعيل ومسقط رأس رسول الله عليهم الصلاة والسلام والتعبير عنهما بما دون من للتفخيم والتعظيم كتنكير والد وإيرادهم بعنوان الولاد ترشيح لمضمون الجواب ايماء إلى أنه متحقق في حالتي الوالدية والولدية
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة