أو هو صفة لمصدر أي دعوتهم دعاء جهارا اي مجاهرا به أو مصدر في موقع الحال اي مجاهرا «فقلت استغفروا ربكم» بالتوبة عن الكفر والمعاصي «إنه كان غفارا» للتائبين كأنهم تعللوا وقالوا ان كنا على الحق فكيف نتركه وان كنا على الباطل فكيف يقبلنا بعد ما عكفنا عليه دهرا طويلا فأمرهم بما يمحق ما سلف منهم من المعاصي ويجلب إليهم المنافع ولذلك وعدهم بما هو أوقع في قلوبهم وأحب إليهم من الفوائد العاجلة وقيل لما كذبوه بعد تكرير الدعوة حبس الله تعالى عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة وقيل سبعين سنة فوعدهم انهم ان آمنوا ان يرزقهم الله تعالى الخصب ويدفع عنهم ما كانوا فيه «يرسل السماء عليكم مدرارا» اي كثير الدرور والمراد بالسماء المظلة أو السحاب «ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات» بساتين «ويجعل لكم» فيها «أنهارا» جارية «ما لكم لا ترجون لله وقارا» انكار لأن يكون لهم سبب ما في عدم رجائهم لله تعالى وقارا على أن الرجاء بمعنى الاعتقاد ولا ترجون حال من ضمير المخاطبين والعامل فيها معنى الاستقرار في لكم على أن الانكار متوجه إلى السبب فقط مع تحقق مضمون الجملة الحالية لا اليهما معا كما في قوله تعالى ومالي لا أعبد الذي فطرني ولله متعلق بمضمر وقع حالا من وقارا ولو تأخر لكان صفة له أي أي سبب حصل لكم حال كونكم غير معتقدين لله تعالى عظمة موجبة لتعظيمه بالايمان به والطاعة له «وقد خلقكم أطوارا» اي والحال انكم على حال منافية لما أنتم عليه بالكلية وهي أنكم تعلمون أنه تعالى خلقكم تارات عناصر ثم أغذية ثم أخلاطا ثم نطفا علقا ثم مضغا ثم عظاما ولحوما ثم أنشأكم خلقا آخر فان التقصير في توقير من من هذه شؤونه في القدرة القاهرة والاحسان التام مع العلم بها مما لا يكاد يصدر عن العاقل هذا وقد قيل الرجاء بمعنى الأمل اي مالكم لا تؤملون له تعالى توقيرا اي تعظيما لمن عبده وأطاعه ولا تكونون على حال تؤملون فيها تعظيم الله تعالى إياكم في دار الثواب ولله بيان للموقر ولو تأخر لكان صلة للوقار والأول هو الذي تستدعيه الجزالة التنزيلية فان اللائق بحال الكفرة استبعاد أن لا يعتقدوا وقار الله تعالى وعظمته مع مشاهدتهم لآثارها وأحكامها الموجبة للاعتقاد حتما وأما عدم رجائهم لتعظيم الله إياهم في دار الثواب فليس في حيز الاستبعاد والانكار مع أن في جعل الوقار بمعنى التوقير من التعسف
(٣٨)