با الطاغوت) هو بناء مبالغة من الطغيان كالملكوت والجبروت قلب مكان عينه ولامه فقيل هو في الأصل مصدر وإليه ذهب الفارسي وقيل اسم جنس مفرد مذكر وإنما الجمع والتأنيث لإرادة الآلهة وهو رأي سيبويه وقيل هو جمع وهو مذهب المبرد وقيل يستوى فيه المفرد والجمع والتذكير والتأنيث أي فمن يعمل أثر ما تميز الحق من الباطل بموجب الحجج الواضحة والآيات البينة ويكفر بالشيطان أو بالأصنام أو بكل ما عبد من دون الله تعالى أو صد عن عبادته تعالى لما تبين له كونه بمعزل من استحقاق العبادة «ويؤمن بالله» وحدة لما شاهد من نعوته الجليلة المقتضية لاختصاص الألوهية به عز وجل الموجبة للإيمان والتوحيد وتقديم الكفر بالطاغوت على الإيمان به تعالى لتوقفه عليه فإن التخلية متقدمة على التحلية «فقد استمسك بالعروة الوثقى» أي بالغ في التمسك بها كأنه وهو ملتبس به يطلب من نفسه الزيادة فيه والثبات عليه «لا انفصام لها» الفصم الكسر بغير إبانة كما ان القصم هو الكسر بإبانة ونفى الأول يدل على انتفاء الثاني بالأولوية والجملة إما استئناف مقرر لما قبلها من وثاقة العروة وإما حال من العروة والعامل استمسك أو من الضمير المستتر في الوثقى ولها في حيز الخبر أي كائن لها والكلام تمثيل مبنى على تشبيه الهيئة العقلية المنتزعة من ملازمة الاعتقاد الحق الذي لا يحتمل النقيض أصلا لثبوته بالبراهين النيرة القطعية بالهيئة الحسية المنتزعة من التمسك بالحبل المحكم المأمون انقطاعه فلا استعارة في المفردات ويجوز أن تكون العروة الوثقى مستعارة للاعتقاد الحق الذي هو الإيمان والتوحيد لا للنظر الصحيح المؤدى إليه كما قيل فإنه غير مذكور في حيز الشرط والاستمساك بها مستعارا لما ذكر من الملازمة أو ترشيحا للاستعارة الأولى «والله سميع» بالأقوال «عليم» بالعزائم والعقائد والجملة اعتراض تذييلي حامل على الإيمان رادع عن الكفر والنفاق بما فيه من الوعد والوعيد «الله ولي الذين آمنوا» أي معينهم أو متولى أمورهم والمراد بهم الذين ثبت في علمه تعالى إيمانهم في الجملة مآلا أو حالا «يخرجهم» تفسير للولاية أو خبر ثان عند من يجوز كونه جملة أو حال من الضمير في ولى «من الظلمات» التي هي أعم من ظلمات الكفر والمعاصي وظلمات الشبة بل مما في بعض مراتب العلوم الاستدلالية من نوع ضعف وخفاء بالقياس إلى مراتبها القوية الجلية بل مما في جميع مراتبها بالنظر إلى مرتبة العيان كما ستعرفه «إلى النور» الذي يعم نور الإيمان ونور الإيقان بمراتبه ونور العيان أي يخرج بهدايته وتوفيقه كل واحد منهم من الظلمة التي وقع فيها إلى ما يقابلها من النور وإفراد النور لوحده الحق كما أن جمع الظلمات لتعدد فنون الضلال «والذين كفروا» أي الذين ثبت في علمه تعالى كفرهم «أولياؤهم» أي الشياطين وسائر المضلين عن طريق الحق فالموصول مبتدأ وأولياؤهم مبتدأ ثان والطاغوت خبره والجملة خبر للأول والجملة معطوفة على ما قبلها ولعل تغيير السبك للإحتراز عن وضع الطاغوت في
(٢٥٠)