يكون بشكرها وشكرها الإيمان بجميع ما فيها ومن جملته نعت النبي صلى الله عليه وسلم ومن ضرورة الإيمان بها الإيمان به عليه الصلاة والسلام «وأني فضلتكم على العالمين» أفردت هذه النعمة بالذكر مع كونها مندرجة تحت النعمة السالفة لإنافتها فيما بين فنون النعم «واتقوا» إن لم تؤمنوا «يوما لا تجزي» في ذلك اليوم «نفس» من النفوس «عن نفس» أخرى «شيئا» من الأشياء أو شيئا من الجزاء «ولا يقبل منها عدل» أي فدية «ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون» وتخصيصهم بتكرير التذكير وإعادة التحذير للمبالغة في النصح وللإيذان بأن ذلك فذلكة القضية والمقصود من القصة لما أن نعم الله عز وجل عليهم أعظم وكفرهم بها أشد وأقبح «وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات» شروع في تحقيق أن هدى الله هو ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم من التوحيد والاسلام الذي هو ملة إبراهيم عليه السلام وأن ما عليه أهل الكتابين أهواء زائغة وأن ما يدعونه من أنهم على ملته عليه الصلاة والسلام فرية بلا مرية ببيان ما صدر عن إبراهيم وأبنائه الأنبياء عليهم السلام من الأقاويل والأفاعيل الناطقة بحقية التوحيد والإسلام وبطلان الشرك وبصحة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وبكونه ذلك النبي الذي استدعاه إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام بقولهما «ربنا وابعث فيهم رسولا منهم» الآية فإذ منصوب على المفعولية بمضمر مقدم خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم بطريق التلوين أي واذكر لهم وقت ابتلائه عليه السلام ليتذكروا بما وقع فيه من الأمور الداعية إلى التوحيد الوازعة عن الشرك فيقبلوا الحق ويتركوا ما هم فيه من الباطل وتوجيه الأمر بالذكر إلى الوقت دون ما وقع فيه من الحوادث مع أنها المقصودة بالذات قد مر وجهه في أثناء تفسير قوله عز وجل «وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة» وقيل على الظرفية بمضمر مؤخر أي وإذ ابتلاه كان كيت وكيت وقيل بما سيجيء من قوله تعالى قال الخ والأول هو اللائق بجزالة التنزيل ولا يبعد أن ينتصب بمضمر معطوف على اذكروا خوطب به بنو إسرائيل ليتأملوا فيما يحكى عمن ينتمون إلى ملته من إبراهيم وأبنائه عليهم السلام من الأفعال والأقوال فيقتدوا بهم ويسيروا سيرتهم والابتلاء في الأصل الاختبار أي تطلب الخبرة بحال المختبر بتعريضه لأمر يشق عليه غالبا فعله أو تركه وذلك إنما يتصور حقيقة ممن لا وقوف له على عواقب الأمور وأما من العليم الخبير فلا يكون الا مجازا من تمكينه للعبد من اختيار أحد الأمرين قبل أن يرتب عليه شيئا هو من مباديه العادية كمن يختبر عبده ليتعرف حاله من الكياسة فيأمره بما يليق بحاله من مصالحه وإبراهيم اسم أعجمي قال السهيلي كثيرا ما يقع الاتفاق أو التقارب بين
(١٥٤)