ثم الجلد ثم خرجت منه الشعور ثم نفخ فيه الروح فإذا هو قائم ينهق «فلما تبين له» أي ما دل عليه الأمر بالنظر إليه من كيفية الأحياء بمباديه والفاء للعطف على مقدر يستدعيه الأمر المذكور وإنما حذف للإيذان بظهور تحققه واستغنائه عن الذكر وللإشعار بسرعة وقوعه كما في قوله عز وجل فلما رآه مستقرا عنده بعد قوله أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك كأنه قيل فأنشزها الله تعالى وكساها لحما فنظر إليها فتبين له كيفيته فلما تبين له ذلك أي اتضح اتضاحا تاما «قال أعلم أن الله على كل شيء» من الأشياء التي من جملتها ما شاهده في نفسه وفي غيره من تعاجيب الآثار «قدير» لا يستعصى عليه أمر من الأمور وإيثار صيغة المضارع للدلالة على أن علمه بذلك مستمر نظرا إلى ان أصله لم يتغير ولم يتبدل بل إنما تبدل بالعيان وصفة إشعار بأنه إنما قال ما قال بناء على الاستبعاد العادي واستعظاما للأمر وقد قيل فاعل تبين مضمر يفسره مفعول أعلم أي فلما تبين له ان الله على كل شئ قدير قال أعلم أن الله على كل شئ قدير فتدبر وقرئ تبين له على صيغة المجهول وقرئ قال اعلم على صيغة الأمر روى أنه ركب حمارة واتى محلته وأنكره الناس وأنكر الناس وأنكر المنازل فانطلق على وهم منه حتى أتى منزلة فإذا هو بعجوز عمياء مقعدة قد أدركت زمن عزيز فقال لها عزيز يا هذه هذا منزل عزيز قالت نعم وأين ذكرى عزير قد فقدناه منذ كذا وكذا فبكت بكاء شديدا قال فإني عزير قالت سبحان الله اني يكون ذلك قال قد أماتني الله مائة عام ثم بعثني قالت إن عزيزا كان مستجاب الدعوة فادع الله لي يرد على بصري حتى أراك فدعا ربه ومسح بيده عينيها فصحتا فأخذ بيدها فقال لها قومي بإذن الله فقامت صحيحة كأنها نشطت من عقال فنظرت إليه فقالت أشهد أنك عزير فانطلقت إلى محلة بنى إسرائيل وهم في أنديتهم وكان في المجلس ابن لعزير قد بلغ مائة وثماني عشرة سنة وبنو بنيه شيوخ فنادت هذا عزير قد جاءكم فكذبوها فقالت انظروا فإني بدعائه رجعت إلى هذه الحالة فنهض الناس فأقبلوا إليه فقال ابنه كان لأبي شامة سوداء بين كتفيه مثل الهلال فكسف فإذا هو كذلك وقد كان قتل بخت نصر ببيت المقدس من قراء التوراة أربعين ألف رجل ولم يكن يومئذ بينهم نسخة من التوراة ولا أحد يعرف التوراة فقرأها عليهم عن ظهر قلبه من غير أن يخرم منها حرفا فقال رجل من أولاد المسبيين ممن ورد بيت المقدس بعد مهلك بخت نصر حدثني أبي عن جدى أنه دفن التوراة يوم سبينا في خابية في كرم فإن أريتموني كرم جدي أخرجتها لكم فذهبوا إلى كرم جده ففتشوا فوجدوها فعارضوها بما أملى عليهم عزيز عن ظهر القلب فما اختلفا في حرف واحد فعند ذلك قالوا هو ابن الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا «وإذ قال إبراهيم» دليل آخر على ولايته تعالى للمؤمنين وإخراجه لهم من الظلمات إلى النور وإنما لم يسلك به مسلك
(٢٥٥)