تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٤٦
أفاضل الرسل العظام عليهم الصلاة والسلام وإثر بيان كونه من جملتهم والإشارة إلى الجماعة الذين من جملتهم النبي صلى الله عليه وسلم فاللام في المآل للاستغراق وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم وقيل إلى الذين ثبت علمه صلى الله عليه وسلم بهم «فضلنا بعضهم على بعض» في مراتب الكمال بأن خصصناه حسبما تقتضيه مشيئتنا بمآثر جليله خلا عنها غيره منهم من كلم الله تفصيل للتفضيل المذكور اجمالا أي فضله بأن كلمه تعالى بغير سفير وهو موسى عليه الصلاة والسلام حيث كلمه تعالى ليلة الخيرة وفي الطور وقرئ كلم الله بالنصب وقرئ كالم الله من المكالمة فإنه كلم الله تعالى كما انه تعالى كلمه ويؤيده كليم الله بمعنى مكالمه وايراد الاسم الجليل بطريق الالتفات لتربية المهابة والرمز إلى ما بين التكليم والرفع وبين ما سبق من مطلق التفضيل وما لحق من إيتاء البينات والتأييد بروح القدس من التفاوت «ورفع بعضهم درجات» أي ومنهم من رفعه على غيره من الرسل المتفاوتين في معارج الفضل بدرجات قاصية ومراتب نائبه وتغيير الأسلوب لتربية ما بينهم من اختلاف الحال في درجات الشرف والظاهر انه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ينبئ عنه الإخبار بكونه عليه الصلاة والسلام منهم فإن ذلك في قوة بعضهم فإنه قد خص بالدعوة العامة والحجج الجمة والمعجزات المستمرة والآيات المتعاقبة بتعاقب الدهور والفضائل العلمية والعملية الفائتة للحصر والإبهام لتفخيم شأنه وللإشعار بأنه العلم الفرد الغنى عن التعيين وقيل انه إبراهيم عليه الصلاة والسلام حيث خصه تعالى بكرامة الخلة وقيل إدريس عليه السلام حيث رفعه مكانا عليا وقيل أولو العزم من الرسل عليهم الصلاة والسلام وآتينا عيسى ابن مريم البينات الآيات الباهرة والمعجزات الظاهرة من احياء الموتى وابراء الأكمه والأبرص والأخبار بالمغيبات أو الإنجيل «وأيدناه» اى قويناه «بروح القدس» بضم الدال وقرئ بسكونها اى بالروح المقدسة كقولك رجل صدق وهو روح عيسى وانما وصفت بالقدس للكرامة أو لأنه عليه السلام لم تضمه الأصلاب والأرحام والطوامث وقيل بجبريل وقيل بالإنجيل كما مر وافراده عليه السلام بما ذكر لرد ما بين أهل الكتابين في شأنه عليه السلام من التفريط والإفراط والآية ناطقه بأن الأنبياء عليهم السلام متفاوتة الأقدار فيجوز تفضيل بعضهم على بعض ولكن بقاطع «ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم» أي جاءوا من بعد الرسل من الأمم المختلفة أي لو شاء الله عدم اقتتالهم ما اقتتلوا بان جعلهم متفقين على اتباع الرسل المتفقة على كلمة الحق فمفعول المشيئة محذوف لكونه مضمون الجزاء على القاعدة المعروفة وقيل تقديره ولو شاء هدى الناس جميعا ما اقتتل الخ وليس بذاك «من بعد ما جاءتهم» من جهة أولئك الرسل «البينات» المعجزات الواضحة والآيات الظاهرة الدالة على حقية الحق الموجبة لاتباعهم الزاجرة عن الإعراض عن سننهم المؤدي إلى الاقتتال فمن متعلقة باقتتل «ولكن اختلفوا» استدراك من الشرطية أشير به إلى قياس استثنائي مؤلف من وضع نقيض مقدمها منتج لنقيض تاليها إلا أنه قد وضع فيه الاختلاف موضع نقيض المقدم المترتب عليه للإيذان بان الاقتتال ناشئ من قبلهم لا من جهته تعالى ابتداء كأنه قيل ولكن لم يشأ عدم اقتتالهم لأنهم اختلفوا اختلافا فاحشا «فمنهم من آمن» بما جاءت به أولئك الرسل من البينات وعلموا به «ومنهم من كفر» بذلك كفرا لا ارعواء له عنه فاقتضت الحكمة
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271