الشهادة أو لتحملها وتسميتهم شهداء قبل التحمل لما مر من تنزيل المشارف منزلة الواقع وما مزيدة عن قتادة أنه كان الرجل يطوف في الحواء العظيم فيه القوم فلا يتبعه منهم أحد فنزلت «ولا تسأموا» أي لا تملوا من كثرة مدايناتكم «أن تكتبوه» أي الدين أو الحق أو الكتاب وقيل كنى به عن الكسل الذي هو صفة المنافق كما ورد في قوله تعالى وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول المؤمن كسلت «صغيرا أو كبيرا» حال من الضمير أي حال كونه صغيرا أو كبيرا أي قليلا أو كثيرا أو مجملا أو مفصلا «إلى أجله» متعلق بمحذوف وقع حالا من الهاء في تكتبوه أي مستقرا في الذمة إلى وقت حلوله الذي أقربه المديون «ذلكم» إشارة إلى ما امر به من الكتب والخطاب للمؤمنين «أقسط» أي أعدل «عند الله» أي في حكمه تعالى «وأقوم للشهادة» أي أثبت لها وأعون على إقامتها وهما مبنيان من أقسط واقام فإنه قياسي عند سيبويه أو من قاسط بمعنى ذي قسط وقويم وإنما صحت الواو في أقوم كما صحت في التعجيب لجموده «وأدنى ألا ترتابوا» وأقرب إلى انتفاء ريبكم في جنس الدين وقدره واجله وشهوده ونحو ذلك «إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم» استثناء منقطع من الأمر بالكتاب أي لكن وقت كون تداينكم أو تجارتكم تجارة حاضرة بحضور البدلين تديرونها بينكم بتعاطيهما يدا بيد «فليس عليكم جناح ألا تكتبوها» أي فلا بأس بأن لا تكتبوها لبعده عن التنازع والنسيان وقرئ برفع تجارة على انها أسم كان وحاضرة صفتها وتديرونها خبرها أو على أنها تامة «وأشهدوا إذا تبايعتم» أي هذا التبايع أو مطلقا لأنه أحوط والأوامر الواردة في الآية الكريمة للندب عند الجمهور وقيل للوجوب ثم أختلف في أحكامها ونسخها «ولا يضار كاتب ولا شهيد» نهى عن المضارة محتمل للبناءين كما ينبأ عنه قراءة من قرأ ولا يضارر في الكسر والفتح وهو نهيهما عن ترك الإجابة والتغيير والتحريف في الكتبة والشهادة أو نهى الطالب عن الضرار بهما بأن يعجلهما عن مهمهما أو يكلفهما الخروج عما حد لهما أو لا يعطي الكاتب جعله وقرئ في الرفع على أنه نفي في معنى النهى «وإن تفعلوا» ما نهيتم عنه من الضرار «فإنه» أي فعلكم ذلك «فسوق بكم» أي خروج عن الطاعة ملتبس بكم «واتقوا الله» في مخالفة أوامره ونواهية التي من جملتها نهيه عن المضارة «ويعلمكم الله» أحكامه المتضمنة لمصالحكم «والله بكل شيء عليم» فلا يكاد يخفي عليه حالكم وهو مجازيكم بذلك كرر لفظ الجلالة في الجمل الثلاث لإدخال الروعة وتربية المهابة وللتنبيه على استقلال كل منها بمعنى على حياله فإن الأولى حث على التقوى والثانية وعد بالإنعام والثالثة تعظيم لشأنه تعالى «وإن كنتم على سفر» أي مسافرين أو متوجهين إليه «ولم تجدوا كاتبا» في المداينة وقرئ كتابا وكتبا وكتابا «فرهان مقبوضة» أي فالذي يستوثق به أو
(٢٧١)