عدم مشيئته تعالى لعدم اقتتالهم فاقتتلوا بموجب اقتضاء أحوالهم «ولو شاء الله» عدم اقتتالهم بعد هذه المرتبة أيضا من الاختلاف والشقاق المستتبعين للاقتتال بحسب العادة «ما اقتتلوا» وما نبض منهم عرق التطاول والتعادى لما ان الكل تحت ملكوته تعالى فالتكرير ليس للتأكيد كما ظن بل للتنبيه على ان اختلافهم ذلك ليس موجب لعدم مشيئته تعالى لعدم اقتتالهم كما يفهم ذلك من وضعه في الاستدراك موضعه بل هو سبحانه مختار في ذلك حتى لو شاء بعد ذلك عدم اقتتالهم ما اقتتلوا كما يفصح عنه الاستدراك بقوله عز وجل «ولكن الله يفعل ما يريد» أي من الأمور الوجودية والعدمية التي من جملتها عدم مشيئته عدم اقتتالهم فإن الترك أيضا من جملة الافعال أي يفعل ما يريد حسبما يريد من غير أن يوجبه عليه موجب أو يمنعه منه مانع وفيه دليل بين على ان الحوادث تابعة لمشيئته سبحانه خيرا كان أو شرا إيمانا كان أو كفرا «يا أيها الذين آمنوا أنفقوا» في سبيل الله «مما رزقناكم» أي شيئا مما رزقناكموه على أن ما موصولة حذف عائدها والتعرض لوصوله منه تعالى للحث على الإنفاق كما في قوله تعالى وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه والمراد به الإنفاق الواجب بدلالة ما بعده من الوعيد «من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة» كلمة من متعلقة بما تعلقت به أختها ولا ضمير فيه لاختلاف معنييهما فإن الأولى تبعيضية وهذه لابتداء الغاية أي أنفقوا بعض ما رزقناكم من قبل ان يأتي يوم لا تقدرون على تلافي ما فرطتم فيه إذ لا تبايع فيه حتى تتبايعوا ما تنفقونه أو تفتدون به من العذاب ولا خلة حتى يسامحكم به أخلاؤكم أو يعينوكم عليه ولا شفاعة إلا لمن اذن له الرحمن ورضي له قولا حتى تتوسلوا بشفعاء يشفعون لكم في حط ما في ذمتكم وإنما رفعت الثلاثة مع قصد التعميم لأنها في التقدير جواب هل فيه بيع أو خلة أو شفاعة وقرئ بفتح الكل «والكافرون» أي والتاركون للزكاة وإشارة عليه للتغليظ والتهديد كما في قوله تعالى ومن كفر مكان ومن لم يحج وللإيذان بأن ترك الزكاة من صفات الكفار قال تعالى وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة «هم الظالمون» أي الذين ظلموا أنفسهم بتعريضها للعقاب ووضعوا المال في غير موضعه وصرفوه إلى غير وجهه «الله لا إله إلا هو» مبتدأ وخبر أي هو المستحق للمعبودية لا غير وفي اضمار خبر لا مثل في الوجود أو يصح ان يوجد خلاف للنحاة معروف «الحي» الباقي الذي لا سبيل عليه للموت والفناء وهو اما خبر ثان أو خبر مبتدأ محذوف أو بدل من لا اله الا هو أو بدل من الله أو صفة له ويعضده القراءة بالنصب على المدح لاختصاصه بالنعت «القيوم» فيعول من قام بالأمر إذا حفظه أي دائم القيام بتدبير الخلق وحفظه وقيل
(٢٤٧)