تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٩٢
«ولا يكلمهم الله يوم القيامة» عبارة عن غضبة العظيم عليهم وتعريض بحر مانهم ما أتيح للمؤمنين من فنون الكرامات السنية والزلفى «ولا يزكيهم» لايثنى عليهم «ولهم» مع ما ذكر «عذاب أليم» مؤلم «أولئك» إشارة إلى ما أشير إليه بنظيره بالاعتبار المذكور خاصة لا مع ما يتلوه من أحوالهم الفظيعة إذ لا دخل لها في الحكم الذي يراد إثباته ههنا فإن المقصود تصوير ما باشروه من المعاملة بصورة قبيحة تنفر منها الطباع ولا يتعاطاها عاقل أصلا ببيان حقيقة ما نبذوه وإظهار كنه ما أخذوه وإبداء فظاعة تبعاته وهو مبتدأ خبره الموصول أي أولئك المشترون بكتاب الله عز وجل ثمنا قليلا ليسوا بمشترين للثمن وإن قل بل هم «الذين اشتروا» بالنسبة إلى الدنيا «الضلالة» التي ليست مما يمكن أن يشتري قطعا «بالهدى» الذي ليس من قبيل ما يبذل بمقابلة شئ وإن جل «والعذاب» أي اشتروا إلى الآخرة العذاب الذي لا يتوهم كونه مما يشتري «بالمغفرة» التي يتنافس فيها المتنافسون «فما أصبرهم على النار» تعجيب من حالهم الهائلة التي هي ملابستهم بما يوجب النار إيجابا قطعيا كأنه عينها وما عند سيبويه نكره تامة مفيدة لمعنى التعجب مرفوعة بالابتداء وتخصصها كتخصص شر في أهر ذا ناب خبرها ما بعدها أي شئ ما عظيم جعلهم صابرين على النار وعند الفراء استفهامية وما بعدها خبرها أي أي شئ أصبرهم على النار وقيل هي موصولة وقيل موصوفة بما بعدها والخبر محذوف أي الذي أصبرهم على النار أو شئ أصبرهم على النار أمر عجيب فظيع «ذلك» العذاب «بأن الله نزل الكتاب» أي جنس الكتاب «بالحق» أي ملتبسا به فلا جرم يكون من يرفضه بالتكذيب والكتمان ويركب متن الجهل والغواية مبتلي بمثل هذا من أفانين العذاب «وإن الذين اختلفوا في الكتاب» أي في جنس الكتاب الإلهى بان آمنوا ببعض كتب الله تعالى وكفروا ببعضها أو في التوراة بأن آمنوا ببعض آياتها وكفروا ببعض كالآيات المغيرة المشتملة على أمر بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ونعوته الكريمة فمعنى الاختلاف التخلف عن الطريق الحق أو الاختلاف في تأويلها أو في القرآن بأن قال بعضهم أنه سحر وبعضهم أنه شعر وبعضهم أساطير الأولين كما حكى عن المفسرين «لفي شقاق بعيد» عن الحق والصواب مستوجب لأشد العذاب «ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب»
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271