عليها ذلك وأنها كانت مخيرة بين الملازمة مع أخذ النفقة وبين الخروج مع تركها «والله عزيز» غالب على أمره يعاقب من خالفة «حكيم» يراعى في أحكامه مصالح عبادة «وللمطلقات» سواء كن مدخولا بهن أولا «متاع» أي مطلق المتعة الشاملة للواجبة والمستحبة وأوجبها سعيد بن جبير وأبو العالية والزهري للكل وقيل المراد بالمتاع نفقة العدة وقيل اللام للعهد والمراد غير المدخول بهن والتكرير للتأكيد «بالمعروف» شرعا وعادة «حقا على المتقين» أي مما ينبغي «كذلك» أي مثل ذلك البيان الواضح «يبين الله لكم آياته» الدالة على أحكامه التي شرعها لعباده «لعلكم تعقلون» لكي تفهموا ما فيها وتعلموا بموجبها «ألم تر» تقرير لمن سمع بقصتهم من أهل الكتاب وأرباب الأخبار وتعجيب من شأنهم البديع فإن سماعهم لها بمنزلة الرؤية النظرية أو العلمية أو لكل أحد من له حظ من الخطاب إيذانا بان قصتهم من الشهرة والشيوع بحيث يحق لكل أحد أن يحمل على الإقرار برؤيتهم وسماع قصتهم ويعجب بها وإن لم يكن رآهم أو سمع بقصتهم فإن هذا الكلام قد جرى مجرى المثل في مقام التعجيب لما أنه شبه حال غير الرائي لشئ عجيب بحال الرائي له بناء على ادعاء ظهور أمره وجلائه بحيث استوى في إدراكه الشاهد والغائب ثم اجرى الكلام معه كما يجرى مع الرائي قصدا إلى المبالغة في شهرته وعراقته في التعجب وتعدية الرؤية بإلى في قولة تعالى «إلى الذين خرجوا من ديارهم» على تقدير كونها بمعنى الابصار باعتبار معنى النظر وعلى تقدير كونها إ دراكا قلبيا لتضمين معنى الوصول والانتهاء على معنى ألم ينته علمك إليهم «وهم ألوف» اى ألوف كثيرة قيل عشرة آ لاف وقيل ثلاثون وقيل سبعون ألفا والجملة حال من ضمير خرجوا وقوله عز وجل «حذر الموت» مفعول له روى أن أهل داوردان قرية قبل واسط وقع فيهم الطاعون فخرجوا منها هاربين فأماتهم الله ثم أحياهم ليعتبروا ويعلموا أن لا مفر من حكم الله عز سلطانه وقضائه وقيل مر عليهم حز قيل بعد زمان طويل وقد عريت عظامهم وتفرقت أوصالهم فلوى شدقيه وأصابعه تعجبا مما رأى من أمرهم فأوحى إليه ناد فيهم أن قوموا بإذن الله فنادى فإذا هم قيام يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لا اله الا أنت وقيل هم قوم من بني إسرائيل دعاهم ملكهم إلى الجهاد فهربوا حذرا من الموت فأماتهم الله تعالى ثمانية أيام ثم أحياهم وقوله عز وجل «فقال لهم الله موتوا» إما عبارة عن تعلق إرادته تعالى بموتهم دفعة وإما تمثيل لأماتته تعالى إياهم ميتة نفس واحدة في أقرب وقت وأدناه واسرع زمان وأوحاه بأمر آمر مطاع لمأمور مطيع كما في قوله تعالى
(٢٣٧)