تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٣٧
عليها ذلك وأنها كانت مخيرة بين الملازمة مع أخذ النفقة وبين الخروج مع تركها «والله عزيز» غالب على أمره يعاقب من خالفة «حكيم» يراعى في أحكامه مصالح عبادة «وللمطلقات» سواء كن مدخولا بهن أولا «متاع» أي مطلق المتعة الشاملة للواجبة والمستحبة وأوجبها سعيد بن جبير وأبو العالية والزهري للكل وقيل المراد بالمتاع نفقة العدة وقيل اللام للعهد والمراد غير المدخول بهن والتكرير للتأكيد «بالمعروف» شرعا وعادة «حقا على المتقين» أي مما ينبغي «كذلك» أي مثل ذلك البيان الواضح «يبين الله لكم آياته» الدالة على أحكامه التي شرعها لعباده «لعلكم تعقلون» لكي تفهموا ما فيها وتعلموا بموجبها «ألم تر» تقرير لمن سمع بقصتهم من أهل الكتاب وأرباب الأخبار وتعجيب من شأنهم البديع فإن سماعهم لها بمنزلة الرؤية النظرية أو العلمية أو لكل أحد من له حظ من الخطاب إيذانا بان قصتهم من الشهرة والشيوع بحيث يحق لكل أحد أن يحمل على الإقرار برؤيتهم وسماع قصتهم ويعجب بها وإن لم يكن رآهم أو سمع بقصتهم فإن هذا الكلام قد جرى مجرى المثل في مقام التعجيب لما أنه شبه حال غير الرائي لشئ عجيب بحال الرائي له بناء على ادعاء ظهور أمره وجلائه بحيث استوى في إدراكه الشاهد والغائب ثم اجرى الكلام معه كما يجرى مع الرائي قصدا إلى المبالغة في شهرته وعراقته في التعجب وتعدية الرؤية بإلى في قولة تعالى «إلى الذين خرجوا من ديارهم» على تقدير كونها بمعنى الابصار باعتبار معنى النظر وعلى تقدير كونها إ دراكا قلبيا لتضمين معنى الوصول والانتهاء على معنى ألم ينته علمك إليهم «وهم ألوف» اى ألوف كثيرة قيل عشرة آ لاف وقيل ثلاثون وقيل سبعون ألفا والجملة حال من ضمير خرجوا وقوله عز وجل «حذر الموت» مفعول له روى أن أهل داوردان قرية قبل واسط وقع فيهم الطاعون فخرجوا منها هاربين فأماتهم الله ثم أحياهم ليعتبروا ويعلموا أن لا مفر من حكم الله عز سلطانه وقضائه وقيل مر عليهم حز قيل بعد زمان طويل وقد عريت عظامهم وتفرقت أوصالهم فلوى شدقيه وأصابعه تعجبا مما رأى من أمرهم فأوحى إليه ناد فيهم أن قوموا بإذن الله فنادى فإذا هم قيام يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لا اله الا أنت وقيل هم قوم من بني إسرائيل دعاهم ملكهم إلى الجهاد فهربوا حذرا من الموت فأماتهم الله تعالى ثمانية أيام ثم أحياهم وقوله عز وجل «فقال لهم الله موتوا» إما عبارة عن تعلق إرادته تعالى بموتهم دفعة وإما تمثيل لأماتته تعالى إياهم ميتة نفس واحدة في أقرب وقت وأدناه واسرع زمان وأوحاه بأمر آمر مطاع لمأمور مطيع كما في قوله تعالى
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271