218 سائر الكفرة «إن الذين آمنوا» نزلت في أصحاب السرية لما ظن بهم أنهم أن سلموا من الإثم فلا أجر لهم «والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله» كرر الموصول مع أن المراد بهما واحد لتفخيم شان الهجرة والجهاد فكأنهما مستقلان في تحقيق الرجاء «أولئك» المنعوتون بالنعوت الجليلة المذكورة «يرجعون» بما لهم من مبادئ الفوز «رحمة الله» أي ثوابه أثبت لهم الرجاء دون الفوز بالمرجو للإيذان بأنهم عالمون بأن العمل غير موجب للأجر وإنما هو على طريق التفضل منه سبحانه لا لأن في فوزهم اشتباها «والله غفور» مبالغ في مغفرة ما فرط من عباده خطأ «رحيم» يجزل لهم الأجر والثواب والجملة اعتراض محقق لمضمون ما قبلها «يسألونك عن الخمر والميسر» تواردت في شأن الخمر أربع آيات نزلت بمكة ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا فطفق المسلمون بشربونها ثم أن عمر ومعاذا ونفرا من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين قالوا أفتنا يا رسول الله في الخمر فإنها مذهبة للعقل فنزلت هذه الآية فشربها قوم وتركها آخرون ثم دعا عبد الرحمن بن عوف ناسا منهم فشربوا فسكروا فأقام أحدهم فقرأ قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون فنزلت لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى الآية فقل من يشربها ثم دعا عتبان بن مالك سعد بن أبي وقاص في نفر فلما سكروا تفاخروا وتناشدوا حتى أنشد سعد شعرا فيه هجاء الأنصار فضربه أنصارى بلحى بعير فشجه موضحة فشكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت إنما الخمر والميسر إلى قوله تعالى فهل أنتم منتهون فقال عمر رضي الله عنه انتهينا يا رب وعن علي رضي الله عنه لو وقعت قطرة منها في بئر فبنيت في مكانها منارة لم أؤذن عليها ولو وقعت في بحر ثم جف فنبت فيه الكلأ لم أرعه وعن ابن عمر رضي الله الله عنهما لو أدخلت إصبعي فيها لم تتبعني وهذا هو الإيمان والتقى حقا رضوان الله تعالى عليهم أجمعين والخمر مصدر خمره أي ستره سمى به من عصير العنب ما غلى واشتد وقذف بالزبد لتغطيتها العقل والتمييز كأنها نفس الستر كما سميت سكرا لأنها تسكرهما أي تحجزهما والميسر مصدر ميمي من يسر كالموعد والمرجع يقال يسرته إذا قمرته واشتقاقه إما من اليسر لأنه أخذ المال بيسر من غير كد وإما من اليسار لأنه سلب له وصفته أنه كانت لهم عشرة أقداح هي الأزلام والأقلام الفذ والتوأم والرقيب والحلس والنافس والمسبل والمعلى والمنيح والسفيح والوغد لكل منها نصيب معلوم من جزور ينحرونها ويجزئونها عشرة أجزاء وقيل ثمانية وعشرين إلا الثلاثة هي المنيح والسفيح والوغد للفذ سهم وللتوأم
(٢١٨)