تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٤٥
آخر وما اجتمعوا قبله على ملك قط «وعلمه مما يشاء» أي مما يشاء الله تعالى تعليمه إياه لا مما يشاء داود عليه السلام كما قيل لأن معظم ما علمه تعالى إياه مما لا يكاد يخطر ببال أحد ولا يقع في أمنية بشر ليتمكن من طلبه ومشيئته كالسرد بالإنة الحديد ومنطق الطير والدواب ونحو ذلك من الأمور الخفية «ولولا دفع الله الناس بعضهم» الذين يباشرون الشر والفساد «ببعض» آخر منهم بردهم عما هم عليه بما قدر الله تعالى من القتل كما في القصة المحكية أو غيره وقرئ دفاع الله على أن صيغة المبالغة للمبالغة «لفسدت الأرض» وبطلت منافعها وتعطلت مصالحها من الحرث والنسل وسائر ما يعمر الأرض ويصلحها وقيل لولا أن الله ينصر المسلمين على الكافرين لفسدت الأرض بعيثهم وقتلهم المسلمين أولو لم يدفعهم بالمسلمين لعم الكفر ونزلت السخطة فاستؤصل أهل الأرض قاطبة «ولكن الله ذو فضل» عظيم لا يقادر قدره «على العالمين» كافة وهذا إشارة إلى قياس استثنائي مؤلف من وضع نقيض المقدم منتج لنقيض التالي خلا أنه قد وضع ما يستتبعه ويستوجبه أعنى كونه تعالى ذا فضل على العالمين إيذانا بأنه تعالى متفضل في ذلك الدفع من غير أن يجب عليه ذلك وأن فضله تعالى غير منحصر فيه بل هو فرد من أفراد فضله العظيم كأنه قيل ولكنه تعالى يدفع فساد بعضهم ببعض فلا تفسد الأرض وتنتظم به مصالح العالم وتنصلح أحوال الأمم «تلك» إشارة إلى ما سلف من حديث الألوف وخبر طالوت على التفصيل المرقوم وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو شأن المشار إليه «آيات الله» المنزلة من عنده تعالى والجملة مستأنفة وقوله تعالى «نتلوها عليك» أي بواسطة جبريل عليه السلام إما حال من الآيات والعامل معنى الإشارة وإما جملة مستقلة لا محل لها من الإعراب «بالحق» في حيز النصب على أنه حال من مفعول نتلوها أي ملتبسة باليقين الذي لا يرتاب فيه أحد من أهل الكتاب وأرباب التواريخ لما يجدونها موافقة لما في في كتبهم أو من فاعلة أي نتلوها عليك ملتبسين بالحق والصواب أو من الضمير المجرور أي ملتبسا بالحق والصدق «وإنك لمن المرسلين» أي من جملة الذين أرسلوا إلى الأمم لتبيلغ رسالاتنا وإجراء أوامرنا وأحكامنا عليهم فإن هذه المعاملة لا تجرى بيننا وبين غيرهم فهي شهادة منه سبحانه برسالته عليه الصلاة والسلام إثر بيان ما يستوجبها والتأكيد من مقتضيات مقام الجاحدين بها «تلك الرسل» استئناف فيه رمز إلى أنه عليه الصلاة والسلام من
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271