وعند الشافعي رحمه الله يجهر بها لما روى وائل بن حجر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ ولا الضالين قال آمين ورفع بها صوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال لأبي بن كعب ألا أخبرك بسورة لم ينزل في التوراة والإنجيل والقرآن مثلها قلت بلى يا رسول الله قال فاتحة الكتاب أنها السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن القوم ليبعث الله عليهم العذاب حتما مقضيا فيقرأ صبي من صبيانهم في الكتاب الحمد لله رب العالمين فيسمعه الله تعالى فيرفع عنهم بذلك العذاب أربعين سنة سورة البقرة مدنية وهي مائتان وسبع وثمانون آية «بسم الله الرحمن الرحيم» «ألم» الالفاظ التي يعبر بها عن حروف المعجم التي من جملتها المقطعات المرقومة في فواتح السور الكريمة أسماء لها لاندراجها تحت حد الاسم ويشهد به ما يعتريها من التعريف والتنكير والجمع والتصغير وغير ذلك من خصائص الاسم وقد نص على ذلك أساطين أئمة العربية وما وقع في عبارات المتقدمين من التصريح بحرفيتها محمول على المسامحة واما ما روى عن ابن مسعود رضي الله عنه من انه صلى الله عليه وسلم قال من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف بل الف حرف ولام حرف وميم حرف وفي رواية الترمذي والدارمي لا أقول ألم حرف وذلك الكتاب حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف والذال حرف والكاف حرف فلا تعلق له بما نحن فيه قطعا فإن اطلاق الحرف على ما يقابل الاسم والفعل عرف جديد اخترعه أئمة الصناعة وإنما الحرف عند الأوائل ما يتركب منه الكلم من الحروف المبسوطة وربما يطلق على الكلمة أيضا تجوزا فأريد بالحديث الشريف دفع توهم التجوز وزيادة تعيين إرادة المعنى الحقيقي ليتبين بذلك أن الحسنة الموعودة ليست بعدد الكلمات القرآنية بل بعدد حروفها المكتوبة في المصاحف كما يلوح به ذكر كتاب الله دون كلام الله أو القرآن وليس هذا من تسمية الشيء باسم مدلوله في شيء كما قيل كيف لا والمحكوم عليه بالحرفية واستتباع الحسنة انما هي المسميات البسيطة الواقعة في كتاب الله عز وجل سواء عبر عنها بأسمائها أو بأنفسها كما في قولك السين مهملة والشين معجمة مثلثة وغير ذلك مما لا يصدق المحمول الا على ذات الموضوع لا أسماؤها المؤلفة كما إذا قلت الألف مؤلف من ثلاثة أحرف فكما أن الحسنات في قراءة قوله تعالى ذلك الكتاب بمقابلة حروفه البسيطة وموافقة لعددها كذلك في قراءة قوله تعالى ألم بمقابلة حروفه الثلاثة المكتوبة وموافقة لعددها لا بمقابلة أسمائها الملفوظة وإلا لفات الموافقة في العدد إذا لحكم بأن كلا منها حرف واحد مستلزم للحكم بأنه مستتبع لحسنة واحدة فالعبرة في ذلك بالمعبر عنه دون المعبر به ولعل السر فيه ان استتباع الحسنة منوط بإفادة المعنى المراد بالكلمات القرآنية فكما أن سائر الكلمات الشريفة لا تفيد معانيها الا بتلفظ حروفها بأنفسها كذلك الفواتح المكتوبة لا تفيد المعاني المقصودة بها الا بالتعبير عنها بأسمائها فجعل ذلك تلفظا بالمسميات كالقسم
(٢٠)